تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي
محقق
عبيد بن علي العبيد
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٢-السنة ٣٣
سنة النشر
١٤٢١هـ
تصانيف
قام به من صفات الكمال فيحب ويخضع له لأجلها، والباري ﷻ لا يفوته من صفات الكمال شيء بوجه من الوجوه، أو يؤله أو بعبد لأجل نفعه وتوليه ونصره فيجلب النفع لمن عبده فيدفع عنه الضرر، ومن المعلوم أنَّ الله تعالى هو المالك لذلك كله، وأنَّ أحدًا من الخلق لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورا فإذا تقرر عنده أنَّ الله وحده المألوه أوجب له أن يعلق بربه حبه وخوفه ورجاءه، وأناب إليه في كل أموره، وقطع الإلتفات إلى غيره من المخلوقين ممن ليس له من نفسه كمال ولا له فعال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم١.
وقد سئل الشيخ ﵀ عن الاسم الأعظم من أسماء الله هل هو اسم معين معروف أو اسم غير معين ولا معروف.
فأجاب: "بعض الناس يظن أن الاسم الأعظم من أسماء الله الحسنى لا يعرفه إلا من خصه الله بكرامة خارقة للعادة، وهذا ظن خطأ، فإن الله ﵎ حثنا على معرفة أسمائه وصفاته، وأثنى على من عرفها، وتفقه فيها، ودعاء الله بها دعاء عبادة وتعبد ودعا مسألة، ولا ريب أنّ الاسم الأعظم منها أولاها بهذا الأمر، فإنه تعالى هو الجواد المطلق الذي لا منتهى لجوده وكرمه، وهو يحب الجود على عباده، ومن أعظم ما جاد به عليهم تعرفه لهم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالصواب أنّ الأسماء الحسنى كلها حسنى، وكل واحد منها عظيم، ولكن الاسم الأعظم منها كل اسم مفرد أو مقرون مع غيره إذا دل على جميع صفاته الذاتية والفعلية أو دل على معاني جميع الصفات مثل:
الله، فإنه الاسم الجامع لمعاني الألوهية كلها، وهي جميع أوصاف الكمال،
_________
١ المواهب الربانية من الآيات القرآنية (ص٦٢).
1 / 165