299

التفسير والمفسرون

الناشر

مكتبة وهبة

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

الواضحة وهذا قول ساقط جدًا وقد عرضته على أستاذى فأنكره غاية الإنكار، وأشار إلى أن هذا القول بمعزل عن الصواب لوجهين: أحدهما أن الزمخشرى لم يكن أهلًا لأن تفوته اللطائف المذكورة فى "أنزل" وفى "نزل" فى مفتتح كلامه ووضع كلمة خالية من ذلك. والثانى: أنه لم يكن يأنف من انتمائه إلى الاعتزال، وإنما كان يفتخر بذلك، وأيضًا أتى عقيبه بما هو صريح فى المعنى ولم يبال بأنه قبيح، وقد رأيت النسخة التى بخط يده بمدينة السلام، مختبئة فى تربة الإمام أبى حنيفة، خالية عن أثر كشط وإصلاح".
وكانت وفاة الزمخشرى ﵀ ليلة عرفة سنة ٥٣٨ هـ (ثمان وثلاثين وخمسمائة من الهجرة) بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة، ورثاه بعضهم، بأبيات من جملتها:
فأرض مكة نَدَّى الدمع مقلتها ... حزنًا لفُرقة جار الله محمود
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه - قصة تأليف الكشاف:
قبل الخوض فى التعريف بالكشاف للزمخشرى، أرى أن أسوق لك قصة تأليفه وما كان من الزمخشرى من التردد بين الإقدام عليه والإحجام عنه أولًا.. ثم العزم المصمم منه على تأليفه حتى أخرجه للناس كتابًا جامعًا نافعًا.
أسوق هذه القصة نقلًا عن الزمخشرى فى مقدمة كشافه، فقد أوضح ما كان منه أول الأمر، وكشف عن السبب الذى دعاه إلى تأليف كتابه فى التفسير فقال:
"ولقد رأيت إخواننا فى الدين من أفاضل الفئة الناجية العدلية، الجامعين بين علم العربية والأصول الدينية، كلما رجعوا إلىَّ فى تفسير آية فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحُجُب، أفاضوا فى الاستحسان والتعجب، واستطيروا شوقًا إلى مُصَنَّف يضم أطرافًا من ذلك، حتى اجتمعوا إلىَّ مقترحين أن أُملى عليهم الكشف عن حقائق التنزيل، وعيون الأقاويل، فى وجوه التأويل، فاستعفيت، فأبوا إلا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين، وعلماء العدل والتوحيد. والذى حدانى إلى الاستعفاء - على علمى أنهم طلبوا ما الإجابة إليه علىَّ واجبة، لأن الخوض فيه كفرض العَيْن - ما أرى عليه الزمان من رثاثة أحواله، وركاكة رجاله، وتقاصر همهم عن أدنى عدد هذا العلم، فضلًا أن تترقى إلى الكلام المؤسس على علمى البيان والمعانى، فأمليت عليهم مسألة فى الفواتح، وطائفة من الكلام فى حقائق سورة البقرة، وكان كلامًا مبسوطًا كثير السؤال والجواب،

1 / 305