التفسير والتأويل في القرآن
الناشر
دار النفائس
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ/ ١٩٩٦ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
الآية، فإن في مبدأ الاسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة، بل ما كانوا ينهضون إلا إلي غزو عام، أو في سرية خاصة، وسائر الأحياء حرب للإسلام وأهله.
والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب، أو على حادثة، فلا مفهوم له» (١).
ولهذا استوضح عمر بن الخطاب ﵁ من رسول الله ﷺ قصر الصلاة للمسافر مع الأمن.
أخرج الإمام مسلم عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب:
قوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا. فكيف نقصر وقد أمن الناس؟
فقال لي عمر ﵁: عجبت مما عجبت منه. فسألت رسول الله ﷺ عن ذلك. فقال لي: (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته).
وجواب الرسول ﷺ على تساؤل عمر دليل على أنّ القصر ليس مقرونا بالخوف، فيجوز أن يكون مع الأمن، وهذا القصر للمسافر رخصة من الله لعباده، وصدقة تصدق بها عليهم.
ولهذا كان رسول الله ﷺ يقصر الصلاة لما حجّ حجة الوداع، وقد زال خطر المشركين، ودخل الناس في الإسلام.
وأخرج البخاري وغيره عن حارثة بن وهب الخزاعيّ ﵁ قال: صلّى بنا رسول الله ﷺ آمن ما كان بمني ركعتين.
وفي رواية أخرى له قال: صليت مع النبي ﷺ الظهر والعصر بمني، أكثر ما كان الناس، وآمنه، ركعتين.
وأخرج البخاريّ ومسلم عن عبد الله بن عمر ﵄ قال:
(١) تفسير ابن كثير: ١/ ٥٩٨ - ٥٩٩.
1 / 154