تفسير العثيمين: غافر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٥)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥)﴾ [غافر: ٥].
* * *
قال الله ﵎: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ [غافر: ٥]، هذا كالتَّعليل لقوله: ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ [غافر: ٤]، يَعنِي: فلْيَنظُر عاقِبة مَن كان قَبلَهم حين كذَّبوا.
وقوله: ﴿قَبْلَهُمْ﴾ الضمير يَعود على الذين كذَّبوا النَّبيَّ ﷺ. وقوله: ﴿قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ نوح ﵊ هو أوَّلُ رَسول أَرسَله الله تعالى إلى أهل الأرض بعد أنِ اختَلَفوا، ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢١٣]، ونوح بُعِثَ إلى أهل الأرض؛ لأنَّ أهل الأرض كانوا هم قَوْمَه، أمَّا حين تَعدَّدتِ الأقوام فقد كان الرسولُ لا يُبعَث إلَّا إلى قومه خاصَّة، كما ثبَت ذلك عن النبيِّ ﷺ (^١).
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب قول النبي ﷺ: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، رقم (٤٣٨)، ومسلم: كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، رقم (٥٢١)، من حديث جابر ﵁.
1 / 74