﵊ البحر صار الماء كالجبال، بدون حواجز، وهذا خلاف الأسباب المعتادة، لكنه بقدر الله ﷿، وبه نعرف أن الأسباب مؤثرة بجعل الله تعالى لها تأثيرًا، وإلَّا لسقط تأثيرها، لأن الكل بيد الله.
وبمناسبة ذكرنا نار إبراهيم ﵊ قال بعض المفسرين: إن الله لما قال لها: ﴿قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)﴾ صارت جميع النيران في جميع أقطار الدنيا باردة ولا تحرق، واستغرب الناس ذلك وقالوا: ما لهذه النار ما غلا القدر عليها، ولكن هذا لا شك أنَّه قول خاطئ بعيد من الصواب، بل هو خلاف أمر الله ﷿، لأن الله تعالى قال: ﴿يا نار﴾ ونار نكرة مقصودة، ولهذا بنيت على الضم فهي كالعلم يراد بها شيء معين، وهي النار التي ألقي فيها، ثم قال: ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)﴾ فهذا القول خلاف الآية الكريمة، وسبحان الله بعض الناس - رحمة الله عليهم وعفا عنهم - يذهبون المذاهب نقول: كيف تقع هذه من عالم، والغالب أن هذه تجدها عن بني إسرائيل فتأخذ مسلمة ولا ينتبه لمعارضتها لآي الكتاب.
* * *
﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)﴾ ﴿إِنِّي إِذًا﴾ هذه الجملة مؤكدة بإن؛ لأن المقام يقتضي التوكيد وقوله: ﴿إِذًا﴾ قال المؤلف: [أي: أن عبدت غير الله، لقوله ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ ويجوز أن نقدر ﴿إِذًا﴾ أي: إذا اتخذت من دونه آلهة، لقوله: ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ
1 / 88