294

تفسير العثيمين: يس

الناشر

دار الثريا للنشر

تصانيف

الخطاب للرسول ﷺ ﴿قُلْ﴾ لهذا الذي أنكر أن يحيي الله العظام وهي رميم ﴿يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ واعلم أن الله ﷿ إذا قال للرسول ﵊ "قل" فهو أمر له بالإبلاغ. ومن المعلوم أن النبي ﷺ مأمور بإبلاع القرآن عمومًا لقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (^١). فإذا خص شيئًا من الأحكام، أو من الأخبار بـ (قل) كان في ذلك عناية خاصة بهذا الذي أمر أن يقوله؛ لأنه أمر أن يبلغه على وجه الخصوصية، ومعلوم أن ما كان على وجه الخصوصية فهو أوكد مما دخل في العموم، وخلاصة هذه القاعدة: أن الله إذا أمر نبيه ﷺ بقوله: (قل) فهذا أمر خاص بتبليغ هذه المسألة، سواء كانت خبرًا، أو كانت حكمًا. ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ لم يقل: (يحيها الله) ليكون الجواب متضمنًا للدليل، لأنه لو قال: (يحيها الله) فهم الإنسان أن الله هو الذي يحييها، لكن إذا قال: ﴿الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ كان هذا الجواب متضمنًا للدليل ﴿الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ والذي أنشأها أول مرة هو الله ﷿، ولم يخلق أحد من الخلق هذه العظام ولم ينشأها أول مرة، فإذا كان الله ﷿ أنشأها أول مرة، فهو قادر على إعادتها، لأن الإعادة أهون من الابتداء. وهذا هو الدليل الأول على إمكان إحياء هذه العظام وهي رميم، ﴿الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ ووجه الاستدلال بهذا: أن القادر على الابتداء قادر على الإعادة من باب أولى.
ثانيًا: قال: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)﴾ قال المؤلف:

(^١) سورة المائدة، الآية: ٦٧.

1 / 295