كثيرًا وطريقه ما أشرنا إليه. ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ﴾ أي وجب ﴿الْقَوْلُ﴾ هو القول بالعذاب كقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣)﴾ (^١). في الآية الأخرى: ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)﴾ (^٢) فمن حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يمكن أن يهتدي مهما أوتي من آية، ولكن لا تحق كلمة العذاب إلا على من استحقها حتى لا يقال: إن الله تعالى قد أجبره على العمل، لقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ (^٣) والله ﷿ ينظر في قلوب العباد فمن كان أهلًا للهداية هداه، ومن لم يكن أهلًا لها لم يهده، فمن حقت عليه الكلمة لما في قلبه من الزيغ -والعياذ بالله- فإنه لا يؤمن، وقوله: ﴿عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾ يعني على أكثر الذين بعث إليهم الرسول ﵊ من العرب، وليس على كلهم، ولذا فقد كذب النبي ﷺ من قريش أمم كثيرة وماتوا على الكفر، ولاسيما الصناديد منهم والأشراف، ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (هم) الضمير يعود على أكثر، لا على "الهاء" في ﴿فَهُمْ﴾ ﴿فهم﴾ أي: الأكثر لا يؤمنون؛ حتى وإن جئت بالآيات العظيمة البينة فهم لا يؤمنون، لأنهم حقت عليهم كلمة العذاب.
* الفوائد:
١ - من فوائد الآية الكريمة: تأكيد الخبر الهام وإن لم يكن
_________
(^١) سورة يونس، الآية: ٣٣.
(^٢) سورة غافر، الآية: ٦.
(^٣) سورة الصف، الآية: ٥.
1 / 25