تفسير العثيمين: ص
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
﴿أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ﴾ يحتمل أن تكون مبتدأ وخبر، يعني أولئك هم الأحزاب الذين كذبوا الرسل فأهلكناهم، ويحتمل أن تكون الأحزاب صفة لأولئك.
وقوله: ﴿إِنْ كُلٌّ﴾ الجملة خبر المبتدأ، قال المؤلف: [﴿إِنْ﴾ ما ﴿كُلٌّ﴾] أي: أن "إنْ" نافية، وقد سبق لنا أن قلنا: إن "إنْ" تستعمل في اللغة العربية على وجوه: النفي، والشرط، والمخففة من الثقيلة، والزائدة. قال المؤلف: [﴿إِنْ كُلٌّ﴾ ما كل من الأحزاب ﴿إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾]، كلٌّ مِنْ هؤلاء الأحزاب كذب الرسل، والرسل: جمع رسول، ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ أي: كل حزب كذَّب رسولَه، وعلى هذا فالجمع موزَّع على الجمع الذي قبله توزيع أفراد، أو هو توزيع جملة؟ أي: كل حزب كذَّب جميعَ الرسل؟ المؤلف مشى على الثاني، قال: [لأنهم إذا كذبوا واحدًا منهم، فقد كذبوا جميعهم، لأن دعوتهم واحدة، وهي دعوة التوحيد] فمشى ﵀ على أن الجمع موزع على الأفراد توزيع جمع، يعني كل حزب كذب جميع الرسل، ويؤيد ما ذهب إليه ﵀ قولُه تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥] فإن الله ذكر أن قوم نوح كذبوا المرسلين، ومن المعلوم أنه لم يُبعث رسولٌ قبل نوح حتى نقول: إنهم كذبوا من سبق، وعلى هذا فيكون ما ذهب إليه المؤلف أرجح مما يحتمله اللفظ احتمالًا مرجوحًا، وهو أن يكون الجمع موزعًا على ما قبله توزيع أفراد.
1 / 68