تفسير العثيمين: ص
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فهم معاندون لا يريدون الحق، ونعلم أنه لو نزل على غير محمد ﷺ لطلبوا أن يكون نزل على غيره؛ لأنهم لم ينفوا الرسالة حقيقة من أجل شخصية محمد ﷺ، فإن شخصيته عندهم من أفضل الشخصيات، وأقواها أمانة، وأحسنها خلقًا، ولكن يقولون هذا على سبيل العناد والمكابرة، فهو كقولهم لما حدثوا بالبعث: ﴿قَالُوا ائْتُوا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية: ٢٥] وهذا مكابرة منهم، لأنهم لم يُحَدَّثوا بالبعث الآن، وإنما حُدِّثوا بالبعث يوم القيامة، فلم يأتِ الموعد الذي حُدِّد للبعث حتى يتحدوا بهذا التحدي فيقال لهم: إن الله يميتكم ثم يحييكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة، والرسل ما قالت لهم: إنكم تبعثون الآن حتى تقولوا: هاتوا آبائنا، وإنما يقولون: ستبعثون يوم القيامة، وسيأتي الله بآبائهم ومن سبقهم.
وقول المؤلف ﵀: [ليس بأكبرنا ولا أشرفنا]، أما قولهم: ليس بأكبرنا، إن كانوا قالوه فهم صادقون، فالرسول ليس بأكبرهم سنًا، فيهم من يكبره سِنًّا، وأما قولهم: ولا أشرفنا، فهم كاذبون، فإن محمدًا ﷺ أشرف الخلق. قال النبي ﷺ: "إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كِنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" (^١)، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤] فلم يجعل رسالته إلا في أحق الناس بها، وأجدرهم بها، وأولاهم بها.
_________
(^١) أخرجه بنحوه مسلم كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ (٢٢٧٦).
1 / 39