تفسير العثيمين: ص
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
﴿إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)﴾. إنْ يقول المؤلف: [ما] وعلى هذا فهي نافية، وعلامة "إن" النافية أن يأتي بعدها الإثبات بـ "إلَاّ" أو نحوها، وهنا أتى بعدها الإثبات بـ "إلَاّ" ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)﴾ أي: ما هذا إلا اختلاق، و"إن" تأتي في اللغة العربية على أوجه: نافية، وزائدة، وشرطية، ومخففة من الثقيلة، فهنا "إنْ" نافية وفي قولك: إن أكرمتني أكرمتك؛ شرطية، وفي قوله تعالى: ﴿وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٥٢] نافية: إذا أثبت "إلَاّ" فهي نافية. وفي قول الشاعر:
أنا ابنُ أُباةِ الضيمِ من آلِ مالكٍ ... وإنْ مالكٌ كانت كرامَ المعادنِ
إنْ مالكٌ مخففة من الثقيلة، وفي قول الشاعر:
بني غُدانة ما إنْ أنتُمُ ذهبًا ... ولا صريفًا ولكن أنتُمُ الخزفُ
قال المؤلف هنا: [﴿إِنْ﴾: ما ﴿هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)﴾: كذب] هذا المشار إليه ما جاء به الرسول ﷺ من التوحيد، وقوله: ﴿إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ أي إلاّ كذب، يقال: اختلق الكلام، أي: افتراه وكذبه، وهذا بناء مبني على قوله فيما سبق ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤)﴾، والكذاب لا يأتي إلا بالكذب والاختلاق، ولما أنكروا التوحيد أنكروا الرسالة أيضًا فقالوا: ﴿أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا﴾ هذا الاستفهام للنفي لكنه أتى بصيغة الاستفهام مبالغة في نفيه، كأنهم يتعجبون كيف ينزل عليه الذكر من بيننا ولم ينزل على أحد غيره؟ ! وهذا كقوله تعالى حكاية لقولهم: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] القريتين: هما مكة والطائف.
1 / 37