تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
يكونَ فعْلًا لأنَّ الأصْلَ في العمَلِ الأفْعالُ؛ ولهذا يَعملُ الفِعلُ بلا شَرطٍ، والأسْماءُ الَّتي تَعمَلُ عمَلَ الفِعلِ لا بُدَّ لها مِن شُروطٍ - كما هو مَعروفٌ في عِلمِ النَّحوِ.
وإنَّما اخْتَرنا أنْ يَكونَ مُتأخِّرًا لفائِدتيْنِ:
الفائِدةُ الأولى: تيَمُّنًا بذِكْرِ اسمِ اللهِ.
والفائِدةُ الثَّانيةُ: إرادةُ الحصْرِ؛ لأنَّه إذا تأخَّرَ العامِلُ كانَ ذلك حَصْرًا، فإذا قُلتَ: زيدًا أكرِمْ، فالمعنى: لا تُكرِم غيرَه، لكنْ لو قلتَ: أكرِمْ زيدًا، لم يمتنع أنْ تُكرمَ غيرَه.
وقدَّرْناه مُناسِبًا؛ لأنه أَبْيَنُ للمَقصودِ، فلو قال قائل: "بسمِ اللهِ أبتدئُ"، قلنا: صحيح، لكنَّها لا تُبيِّنُ المرادَ كما تُبيِّنُه: "بسمِ اللهِ أقرأُ"؛ وذلك لأنَّ الِابتِداءَ يكونُ للقِراءةِ ولغيرِ القِراءةِ، فلهذا اختِيرَ أنْ يكونَ مناسبًا للمَقامِ.
والخُلاصَةُ: أنَّ مُتعلقَ الجارِّ والمَجْرورِ مَحذوفٌ، وهو فِعلٌ مُتأخّرٌ مُناسبٌ للمَقامِ.
فإنْ قال قائِل: هَلْ صَحِيح ما يَروي بعضُهم عنْ أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ- قال: "إذا قرأتم: الحمدُ للهِ ربِّ العالمَين فاقرؤُوا: "بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ" فإنَّها إحدى آياتِها" (^١)؟
فالجوابُ: هذا الحديثُ ليس بصحيحٍ، ويدُلُّ على ذلك:
أوَّلًا: حديثُ أبي هريرة ﵁ الثَّابتُ في الصَّحيحِ، أنَّ اللهَ تعالى قالَ: "قَسمتُ الصَّلاةَ بيني وبينَ عبدي نِصفَينِ" -يعني الفاتِحةَ- "فإذا قالَ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمَين،
_________
(^١) أخرجه الدارقطني (١/ ٣١٢)، والبيهقي (٢/ ٤٥).
1 / 12