تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
إذا نُزِّلَ غيْرُ العاقِلِ مَنزِلةَ العاقِلِ لِقَولِه: ﴿طَائِعِينَ﴾، فإنَّ هَذا الجَمْعَ جمْعُ المُذكَّرِ السَّالِمِ لا يَصْدُرُ إلَّا مِنَ العاقِلِ وغيْرِه، يُقالُ: "طائِعاتٍ"، وما أشْبَهَ هَذا، لَكِنْ إذا نُزِّلَ غيْرُ العاقِلِ مَنزِلتَه بالخِطابِ صحَّ أنْ يُعامَلَ مُعامَلةَ العاقِلِ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثْباتُ الطَّواعِيةِ والكراهيَةِ لغيْرِ العاقِلِ؛ لقَولِه تَعالَى: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾، فهَلْ هَذا يَعنِي أنَّ لغَيْرِ العاقِلِ إرادَةٌ؟ الجوابُ: نعَمْ؛ لأنَّ الطَّائِعَ لَه إرادَةٌ، ومَنْ يُتَصوَّرُ إكْراهُه فلَه إرادَةٌ أيْضًا، وإرادَةُ كلِّ شيْءٍ بحَسَبِه، وقَد ورَدَ أنَّ الحَصىَ تَسبِّحُ بيْنَ يدَيِ الرَّسُولِ ﵊ ولا تسْبِيحَ إلَّا بَعْدَ إرادَةِ، وثبُتَ عَنِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - أَنَّه قالَ في أُحُدٍ: "يُحِبُّنا ونُحِبُّه" (^١)، والمَحبَّةُ أخَصُّ مِنَ الإرِادَةِ؛ وعلَى هذا: فهَذه الجَماداتُ الَّتي نحْن لا نفْقَه تسْبِيحَها لها إرادَة، وتسَبِّحُ اللهَ ﷿.
* * *
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب فضل الخدمة في الغزو، رقم (٢٨٨٩)، ومسلم: كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، رقم (١٣٩٣)، من حديث أنس ﵁
1 / 77