تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الثَّالِثُ: تَقْديمُ ما حقُّه التَّأخيرُ، مِثْلَ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٨٤].
الرَّابع: دُخُولُ ضَمِيرِ الفَصْلِ، مِثْلَ أنْ تَقولَ: زيْدٌ هُوَ الفاضِلُ، فإنَّ ضَميرَ الفَصْلِ يُفيدُ الحَصْرَ.
هَذِه أرْبعَةُ طُرُقٍ، وهِي الأكْثَرُ دَوَرانًا.
وقَوْلُه: ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ﴾ الظَّاهِرُ أنَّها مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ الرَّسولِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ- الَّذي أمَرَ أنْ يَقولَه، ومَعْنى "استَقِيموا إلَيْهِ": أيِ اسْتَقِيمُوا على دِينِه قاصِدين إلَيْه؛ فهِي تُفِيدُ الإخْلاصَ في الْعَملِ.
فقَوْلُه: "استَقِيموا إلَيْه"، أي: اقْصُدُوا، ولهِذا لمْ يَقُلْ: استَقِيموا لَه، بلْ قالَ: "إلَيْه"، فضَمَّنَ "استَقِيموا" مَعْنى اقْصُدوا إلَيْه، فتكونُ أبْلَغ مِن "استَقِيموا لَه"، لأنَّ المُستَقيمَ لِلشَّيءِ قدْ يَستَقيمُ لَه وهُوَ في مَكانِه دُونَ أنْ يَسْعى إلَيْه، أمَّا إذا قِيلَ: "اسْتَقيموا إلَيْه" فتُفيدُ السَّعْيَ إلى اللهِ ﷿ وقَصْدِه؛ فلِهذا عُدِّيَت بـ"إلى"؛ فهَل هُنا نابَ حَرْفٌ عَن حَرْفٍ، أو إنَّ الحَرْفَ على مَعْناه، ولكنْ ضُمِّنَ الفِعلُ ما يُناسِبُ الحرفَ؟
الجَوابُ: فيها قَولان:
أحدُهما: أنَّ الِاستِعارَة في الحرْفِ، يَعنِي: أنَّ الباءَ بِمعْنى "مِن" أي: يَشْرَبُ مِنها عِبادُ اللهِ، والعَينُ يُشرَبُ مِنها باليَدِ، أو بالإناءِ، أو بأيِ وسيلةٍ.
القوُل الثَّاني: أنَّ الاستِعارَة في الفِعلِ؛ أي: أنَّ "يشْرَبُ" ضُمِّنَ فِعلًا يُناسبُ
1 / 35