تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
كشُكرانٍ وغُفرانٍ وما أشبهَ ذلكَ. فهلْ هو بمعنى قارئٍ أو بمعنى مَقروءٍ؟ قِيلَ: إنَّه بمعنى مَقروءٍ، ومَقروءٌ هلْ هو منَ الجَمْع أو منَ التِّلاوَةِ؟ قِيلَ: إنَّه مِنْ قَرى يَقري بمعنى جمَع، ومنه اسمُ القريةِ؛ لأنَّها جامعةٌ للناسِ، وقِيل: مِن قرَأ بمعنى تَلا.
والصَّوابُ: أنه جائزٌ أنْ يَكونَ مِنْ هذا ومن هذا؛ لأنه ما دامَ اللَّفظُ صالحًا للمعنيِّينَ ولا مُنافاةَ بينَهما، فإنَّه يُحمَلُ عليهما جَميعًا؛ وهذا إذا قُلنا: إنَّ ﴿قُرْآنًا﴾ بمعنَى مَقرُوءٍ.
ويَجوزُ أنْ تكونَ بمعنى اسمِ الفاعِلِ "قارِئ"؛ فَقُرآنُ بمَعنى قارِئ؛ أي: جامِعٌ، جامِع للأحكام والتَّوْحيد وغير ذلك.
أمَّا "عرَبِيًّا" فهو نِسبة للعَرَب؛ لأنَّه جاءَ بلُغَتِهم.
وقولُه تعالى: [﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ يَفهَمون ذلك، وهم العرَب]، يعنِي: أنَّ الله جعلَه قرآنا عرَبيًّا لقَوْم يعلَمونَه ويفهَمُونه، ولا حُجَّة لهم في مُعارَضَته والكُفرِ به، لأنَّهم يَعلَمُونه، كما قالَ تعالى في آية أُخْرى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ٣]؛ أي: تَفهَمون معناه، حيثُ جاء بلِسان العَرَب.
فائِدة: ورَدت في القرآنِ آيات تَجرِي على سبيل المَثَل، مِثل: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٤٠] فهل صحيحٌ أنَّه وردَ النَّهي عن استِعمالها في غير مَكانها؟
الجَواب: للاستِشهاد بها لا بأسَ به؛ أمَّا أنْ تَجعَل القرآنَ بدلًا عن الكلامِ فهذا حرام.
وقد ذَكَر صاحبُ (جواهِرِ الأدَب) قِصَّة عَنوَنها بقولِه: "المُتكلِّمةُ بالقرآنِ
1 / 23