تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وهو مَكتوب في اللَّوْحِ المَحفوظِ، ومَكتوب بالصُّحُفِ الَّتي بأيدِي الملائكَةِ، ومَكتوب بِالصُّحُفِ الَّتي بأيْدِينا.
أمَّا الأوَّلُ فدَليلُه قولُه تَعالَى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ [البروج: ٢١ - ٢٢] وأمَّا الثانى دَليلُه قولُه تَعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٢ - ١٦].
وأمَّا الثَّالثُ فواضِح، فكلُّ ما جاءَ من كِتابٍ فهوَ يتَضمَّنُ هذه المعاني الثَّلاثةِ.
قَولُهُ ﵀: [﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ بُيِّنت بالأحْكامِ والقصَصِ والمَواعِظِ] التَّفْصيلُ ضدُّ الإجْمالِ، يَعنِي: أنَّ آياتِ القُرآنِ مُفصَّلة، لكِنَّها تأتي أحْيانًا مجُملةً، وتأتي أحْيانًا مُفصَّلةً، وإذا فُصِّلَ المُجملُ صارَ الجَميعُ مُفصَّلًا.
وقولُه: ﴿آيَاتُهُ﴾ جَمعُ آيةٍ، والآيةُ في القرآنِ هي كلُّ ما فُصِلَ بينها وبين ما سبَقها ولحِقَها بفاصلٍ؛ ولهذا تَسمَعون في كلامِ العُلَماءِ: "فَواصِلُ الآياتِ"، يعنِي الأماكنَ الَّتي تُفصَلُ فيها الآيةُ عمَّا قبلَها وعمَّا بعدَها.
والآياتُ الكَريمةُ مِنها ما هو طَويل، ومنها ما هو قَصير، ومنها ما هو مُتوسِّط؛ فأطوَلُ آيةٍ في كِتابِ اللهِ آيةُ الدَّينِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وأقْصَرُ آيةٍ: ﴿طه﴾ [طه: ١]، لكنَّ هذه منَ الحُروفِ الَّتي ليسَ لها معنًى، كما قرَّرْنا.
فقولُه: ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر: ٢١] أقصرُ آيةٍ في كِتابِ اللهِ، والباقي مُتوسِّطٌ منهُ ما يَميلُ إلى الطُّولِ، ومنهُ ما يَميلُ إلى القِصَرِ.
والسُّنّة في الآياتِ: أنْ تَقرَأها حسْبَ ما فُصِّلَتْ؛ فتُقرَأ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)
1 / 19