تفسير العثيمين: فصلت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٢٥)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ [فصلت: ٢٥].
* * *
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿وَقَيَّضْنَا﴾ سببنا] والصَّوابُ: أنَّ معناها هَيَّأنا؛ أي هَيَّأْنا لهم قُرَناءَ، وذُكِرَ الفاعِلُ بضَميرِ الجمْعِ للتَّعظيمِ؛ لأنَّ ضَميرَ الجمْعِ يُرادُ به تَارَّةً التَّعظيمُ وتَارَّةً التَّعدُّدَ، وهُنا لا يُمكِنُ أن يَكونَ المُرادُ به التَّعدُّدَ؛ لأنَّ اللهَ إلَهٌ واحدٌ.
﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾ يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [من الشَّياطينَ]، والمُرادُ شَياطينُ الإنسِ وشَياطينُ الجِنِّ؛ لأنَّ هُناك قَرينًا خَفيًّا وهو قَرينُ الجِنِّ يَأمُرُ الإنسانَ بالسُّوءِ وَينهاه عنِ الخَيرِ، وهُناكَ قَرينُ سوءٍ مِنَ الإنسِ، ولهذا مَثَّلَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّم- قَرينَ السُّوءِ بأنَّه كَنافِخ الكيرِ، إِمَّا أن يَحرِقَ ثِيابَك وإمَّا أن تَجِدَ منه رائِحَةً كريهَةً (^١).
قال اللهُ تعالى: ﴿فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [فُصِّلَت: ٢٥] زَيَّنوا أي القُرَناءُ، ﴿لَهُمْ﴾ أي للمُقْتَرِنينَ بهم، ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ يَقولُ المفسِّرُ ﵀:
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم (٥٥٣٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين، رقم (٢٦٢٨)، من حديث أبي موسى الأشعري ﵁.
1 / 134