تفسير العثيمين: القصص
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١٨)
* * *
* قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص: ١٨].
* * *
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ يَنتظِرُ مَا يَنَالُهُ مِنْ جِهَةِ الْقَتِيلِ ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ يَسْتَغِيثُ بِهِ عَلَى قِبْطِيٍّ آخَرَ ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ بَيِّنُ الْغَوَايَةِ لمِا فَعَلْتَهُ بِالْأَمْسِ وَالْيَوْمِ].
قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ﴾ أي: موسى، ومعنى أصبح أي: دَخَلَ فِي الصباح، يعني: بات ليلته، وَلَكِنَّهُ فِي صباحها أصبح ﴿خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾، وقوله تعالى: ﴿فِي الْمَدِينَةِ﴾: (ال) هنا للعهد الذِكري؛ لأنه سبق ذِكرها، وقوله: ﴿خَائِفًا﴾ خبر أصبح، وهو منصوب، وقوله ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ إِمَّا أَنْ تَكُونَ خبرًا ثانيًا، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَعَدُّد الخبر مَعَ الِاخْتِلَافِ؛ لِأنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّد الخبر، سواء تَعَدَّد بلفظ المُفْرَد، أو تَعَدَّد بِلَفْظِ الْجُمْلَةِ، أو تَعَدَّد بلفظ المفرد والجملة، أو حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي ﴿خَائِفًا﴾، أَيْ حَالَ كونِه يترقَّب.
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ يقول المُفَسِّرُ ﵀: [ينتظر مَا يَنَالُهُ مِنْ جِهَةِ القتيل]، لِأَنَّ هَذَا القتل إجرامٌ، فكلُّ إنسان يقتل شَخْصًا فِي بَلَدٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخَافَ، وَهَذَا الْخَوْفُ مِنَ طبيعة البشر، وليس خوفَ عبادةٍ.
والخوفُ نوْعانِ:
1 / 80