تفسير العثيمين: القصص
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١٠)
* * *
* قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ١٠].
* * *
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى﴾ لمَّا عَلِمَتْ بِالْتِقَاطِهِ ﴿فَارِغًا﴾ مِمَّا سِوَاهُ ﴿إِن﴾ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاسْمُهَا مَحْذُوفٌ، أَيْ: إِنَّهَا ﴿كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ أَيْ بِأَنَّهُ ابْنُهَا ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بِالصَّبْرِ، أَيْ: سُكْنَاهُ ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ المُصَدِّقِينَ بِوَعْدِ اللَّهِ، وَجَوَابُ (لَوْلَا) دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا].
قوله ﵎: ﴿وَأَصْبَحَ﴾ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهَا ألقته ليلًا، وتأتي كلمة (أصبح) بمعنى: (صار)، بِغَضِّ النظر عَنِ الزَّمَنِ، وتأتي (أصبح) بمعنى (صَارَ) فِي الإصباح، يقال مثلًا: أصبح الماء ثلجًا، أي: صار الماء ثلجًا.
وفِي اللُّغَةِ العامِّية الآن دائمًا يُعَبِّر النَّاسُ بِقَوْلهِم: أصبح كذا، وأصبح كذا، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أدهُ انْتَقَلَ إِلَى هَذَا، كما أَنَّ الإصباح انْتِقَالٌ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى النهار، لكن هنا ليس ببعيد أَنَّهُ فِي صباحِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ استولت عليها الوساوس والهواجس، حَتَّى صَارَ قَلْبُهَا فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لا تُفَكِّر في أَيِّ شَيْءٍ إِلَّا بِهَذَا الولد، وَهَذَا يَعْنِي: أَنَّ المُرَادَ بالإصباح هنا الدُّخُولُ فِي الصباح، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ أَنْ نَجْعَلَهُ بمعنى: صار؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُحزَن عَلَيْهِ عِنْدَ فَقْدِهِ، لَكِنْ إِذَا طَالَ الزَّمَن، فَإِنَّهُ قَدْ يُنْسَى؛ لأن الحوادثَ
1 / 42