272

تفسير العثيمين: القصص

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (٥٦)
* * *
* قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: ٥٦].
* * *
قَالَ المُفَسِّرُ: [وَنَزَلَ فِي حِرْصِهِ ﷺ عَلَى إِيمَانِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ هِدَايَتَهُ ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ عَالِمٌ ﴿بِالْمُهْتَدِينَ﴾].
أَبو طَالِبٍ هُوَ أَبو عَليٍّ ﵁؛ وهذا العَمُّ آوَى رَسُولَ اللَّه ﷺ ودافع عنه، وناصَرَهُ، ولكن حِيلَ بَينَه وَبَينَ الإِيمَان؛ بسبب مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الشَّقاوة.
وَفي عَدَم إيمانه حِكمة عظيمة؛ لأَنَّه لَو آمَنَ مَا تَمَكَّنَ مِنَ الدِّفاع الَّذي حَصَلَ منه للرسول ﷺ، إذ لَوْ آمَنَ لَكَانَ هُوَ مَحَلَّ إيذاءٍ للمشركين، لَكن لمَّا بَقيَ عَلَى مِلَّتِهم كانوا يحترمونه بعضَ الاحترام، فَكَانَ في بَقَائه عَلَى الكفر مِن حِكمَةِ اللَّه مَا هُوَ ظَاهر، وَإلَّا مَا استطاع أَنْ يَحمِيَ الرَّسُول ﵊ تلك الحمايةَ.
وهذا الرجل لَهُ فَضل عَلَى الإسلَام؛ بسبب دفاعه عنه، ولهذا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبيِّه ﷺ أَنْ يَشفَعَ له، مَعَ أَنَّه لَا يمكن أَنْ يَشْفَعَ لغَيره مِنَ الكفَّار، إلَّا هَذَا الرَّجُلَ؛ لمَا لَهُ مِنَ الفَضل على الإسلَام مِن حماية الرَّسول ﷺ، وَالدّفَاع عَنه.
ولكن هَذِهِ الشفاعةُ ما نفعته نفعًا كَامِلًا، وَهُوَ غَيرُ مؤمن، إنما نَفَعَتْهُ أَنَّه كَانَ

1 / 276