تفسير العثيمين: القصص
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
تتوقعين، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
قَوْله تعالى: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ﴾ هنا جاءت الجُملة اسميَّةً، وليس فِعلِيَّة، كَأَنْ يَقُولَ مثلًا: نردُّه. والجملة الاسمية تَدُلُّ عَلَى الثُّبوت والاستقرار.
وقوله: ﴿إِنَّا﴾ بضميرِ الجَمع للتعظيم، فاللَّهُ ﵎ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بصيغة التعظيم.
وَقَوْلُهُ: ﴿رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ أي: مُرْجِعُوه، ولا يُبَيِّنُ اللَّهُ ﵎ المُدَّةَ الَّتِي ستفقدُه أُمُّه فيها، ولكن الظَّاهر أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَعِيدَة، كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْقِصَّةِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ هَذِهِ بِشارةٌ فوقَ البِشَارَة الأُولى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هَذَا المولود ﴿مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، أي: ممن أرسلهم اللَّهُ ﵎ وأفضلهم بالرِّسالَة.
وهَذِهِ الآيَةُ فِيهَا أَمْرَانِ، ونَهْيَان، وبِشَارَتَان.
أمَّا الأمران: فقولُه تعالى: ﴿أَرْضِعِيهِ﴾ وقوله: ﴿فَأَلْقِيهِ﴾.
وَأَمَّا النَّهْيَانِ: فقوله تعالى: ﴿وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾.
وأما البِشَارَتَان: فقوله تعالى: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
ثُمَّ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا يَبْكِي، وَخَافَتْ عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْهُ فِي تَابُوتٍ مَطْلِيٍّ بِالقَارِ مِنْ دَاخِلٍ مُمهَّدٍ، وَأَغْلَقَتْهُ، وَأَلْقَتْهُ فِي بَحْرِ النِّيلِ لَيْلًا].
قوله: [أَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ]. لَا نَجِدَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، ولكنها -لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ- امتثلت لِأَمْرِ اللَّهِ بإرضاعه، ولما خَافَتْ عَلَيْهِ ألقته.
1 / 28