174

تفسير العثيمين: القصص

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وَهَذَا وَإن كَانَ فيه التغليب، لَكن قَوله: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ لَيسَ فيه تَغليبٌ، أي: لَيسَ هنَاكَ أبٌ مُباشِر، وَلِهَذَا كَانَ القَول الراجح في مَسأَلَة الجَدِّ والإخوة أَنَّ الجَدَّ يَحْجُب الإخوةَ؛ لأَنَّه أَبٌ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّ موسَى ﷺ نَفَّذ مَا أَرسَلَه اللَّه به.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الآيَات الَّتي يرسل اللَّهُ بها الأنبياءَ تكون بَيِّنَة واضحة؛ لئَلَّا يَكونَ للمَدعُوِّين حُجَّة في خفاء الحُجة، فيجعل اللَّه تعالى الآياتِ بَيِّنَةً واضحة.
وَفي الحديث الصَّحيح عَن النَّبيّ ﵊: "مَا مِنَ الْأَنْبيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدِ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ" (^١).
فَلَا بدَّ أَن تَكُونَ الآيَات الَّتي يُرْسَل بها الرُّسل بَيِّنَة واضحةً؛ لئلا تبقَى للنَّاسِ حُجة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الآيَاتِ الَّتي أعطاها اللَّهُ موسَى ليست وَاحدَة، وَلَا اثنتين، بَل هيَ آياتٌ متعددة يؤمِن عَلَى مِثلهَا البَشر، لكن هَؤلَاء قَومٌ عُتاة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ دعوى المكذّبين للرُّسل لَا تَكون إلَّا مِن نَوع المكابَرة؛ فَإنَّ قَولهم: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [المؤمنون: ٢٤]، لَا يَقتَضي رَدَّ الحق، لَكن إذَا كَانَ حَقًّا فاقبلوه، وليس للإنسان حُجة إذَا قَالَ: واللَّه هَذَا مَا سَمعنَا به.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن أعداء الرُّسُل يُلَقِّبُون الرُّسل بألقابِ السُّوء والعَيب؛

(^١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي، وأول ما نزل، رقم (٤٩٨١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ، رقم (١٥٢).

1 / 178