تفسير العثيمين: القصص
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ بَعْضُهُ مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ.
لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: فِي الآيَةِ محذوف حسَب قواعد النحو؛ لِأَنَّ قَوْلَه: ﴿الْغَالِبُونَ﴾ اسمُ فاعِل، وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ (ال)، وهي بِمَعْنَى الِاسْمِ الموصول، والمعروف أَنَّ الِاسْمَ الموصولَ لَا يَعْمَلُ مَا بَعْدَهُ فِيمَا قَبْلَهُ، فَلَا تَعْمَلُ صلتُه.
ونُجيب فنقول: (ال) هنا ليست بموصولة، بَلْ هِيَ كـ (أل) الداخلة عَلَى الِاسْمِ الجامِد، كالداخلة عَلَى الرَّجُلِ والأسد، وما أشبههما.
وخلاصة الْقَوْلِ: هُوَ أَنَّ الصَّواب أَنْ نَجْعَلَ قوله: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ متعلقًا بقوله: ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾، ونَسْلَم مِنْ كُلِّ تلك المخالفات، ومن التقديرات، التي نعتمد عليها، ومن تعيين المقدر.
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿الْغَالِبُونَ﴾ لَهُمْ]، وحقيقة المعنى الغالبون لهم؛ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ العُموم نقول: أنتما ومَن اتَّبَعَكُما الغالبون لِلمخالفين.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: قوله: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تعالى أعطى مُوسَى وَهَارُونَ آياتٍ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي سُورَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ أعطاه تِسْعَ آيَاتٍ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ﴾ [الإسراء: ١٠١].
وقوله: ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا﴾ التابعون هُنَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ومن آلِ فِرْعَوْنَ كذلك، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [غافر: ٢٨].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: قوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا﴾ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يُنْصَر ويَغلِب باتِّباع الرُّسُل، وَأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلى النصر والغَلَبة إِلَّا بِالدُّخُولِ فِي طَرِيقِ الرُّسل واتِّباعِهم.
1 / 171