تفسير العثيمين: القصص
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٣١)
* * *
* قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ [القصص: ٣١].
* * *
قال المُفَسِّرُ ﵀: [﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ فَأَلْقَاهَا ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾ تَتَحَرَّكُ ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ وَهِيَ الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ سُرْعَةِ حَرَكَتِهَا ﴿وَلَّى مُدْبِرًا﴾ هَارِبًا مِنْهَا ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ أَيْ يَرْجِعُ فَنُودِيَ ﴿يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾].
قوله تعالى: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَنْ يَامُوسَى﴾، أي: ونودي أَيْضًا أَنْ أَلْقِ عَصَاك، و﴿أَلْقِ عَصَاكَ﴾ بمعنى: ضَعْ عصاك عَلَى الْأَرْضِ، وهذه العصا قَدْ ذُكِرَ فِي سُورَةِ طَه فائدتُها بالنِّسبة له، فقال: ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ [طه: ١٨]، وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ هَذِهِ المآربُ، فقيل: يَحْفِرُ بها، ويَدْفَع بها السِّباع، ويدفع بِهَا عَنْ نَفْسِه.
ونَجِدُ أنه فَصَّل فِي ذِكْرِ مَنَافِعِهَا، ثم أَجْمَلَ فِي ذِكْرِ فائدتها فِي دَفْعِ المفاسد، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مِنَ الْأَدَبِ فِي الحْدِيثِ، وتجدون أَنَّهُ فِي مَقَامِ الإثبات يُؤتى فيها بالتفصيل، وفي مَقَام النفي يُؤتى فيها بالإجمال غالبًا.
قَوْلُه تعالى: ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ﴾، أي: تتحرك، لكن بِنَوْعٍ مِنَ الاضطراب، ومعروفٌ أنَّ الحيَّة تتحركُ يَمِينًا وَشِمَالًا، و﴿رَآهَا﴾ أي: أَبْصَرَها، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ
1 / 149