126

تفسير العثيمين: القصص

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

لَمْ يَقُلْ: قبلتُ النكاح، ولا: قبلتُ الإجارة، وَلَا شَيْءَ. الْفَائِدَةُ الحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: يُستفاد مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكَ﴾ أَنَّ الْعُقُودَ عهود فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لأن كُلَّ إِنْسَانٍ يعقد مع شخص فَقَدِ التزم ألَّا يَخُونَه، والتزم أَنْ يَفِيَ له بمُقتضى هَذَا الْعَقْدِ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ عهدًا، فِي سُورَةِ الإسراء يَقُولُ اللَّهُ ﵎: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٤]، وَقَدْ قَالَ قَبْلَهَا: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٤]، فالوَلاية عَلَى الْيَتِيمِ نَوْعٌ مِنَ الْعَقْدِ، وجَعَلها اللَّهُ تعالى عهدًا، فقال: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ مُوسَى ﷺ قَبِل مَا جَعَلَهُ لَهُ صَاحِبُ مَدْيَنَ مِنِ اختيار أَحَدِ الْأَجَلَيْنِ، حينما قال: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾، وبَقِي العقدُ مفتوحًا، يعني: إِنْ أتممتُ العَشْرَ، فلا تعتدي عليَّ بإخراجي مِن بيتي، وطردي عن عملي إِنْ أردتُ العَشر، وإن أوفيتُ بالثمانيَ، فلا تَلُمْنِي، وتَقُلْ: هَذَا الرَّجُلُ مَا وفَّى. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِه: ﴿فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ أي: لا اعتداءَ عليَّ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ يَتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّما يَسأل سائل ويقول: كيف يقول: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾، ثم يَسري عَلَيْهِ عُدْوَانٌ، والرَّجُل وَفَّى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ؟ نقول: ربما يكون عُدوانًا، بمعنى: إِنَّهُ إِذَا أَرَادَ إتمام الْعَشْرِ لَا يتركه يذهب، وإذا اقْتَصَرَ عَلَى التَّمَامِ يَتكلَّمُ بِهِ فِي المَجَالِسِ، والمُفَسِّرُ ﵀ يقول: [﴿فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَيَّ]، وهذا تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ صحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ طلب الزيادة غير وارد.

1 / 130