تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١٢)
* قالَ الله ﷿: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [سبأ: ١٢].
* * *
وقول المُفَسِّر ﵀: ﴿و﴾ [وَسَخَّرْنَا] ﴿لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ﴾، وإنما قَدَّر: [وَسَخَّرْنَا]؛ لأنَّ (الرِّيحَ) مَنصوبةٌ، فلاُ بدَّ من تقدير عامِلٍ يَتِمُّ به النَّصْب، وهنا نُقدِّر ما يُناسِب وهو (سَخَّرْنا له) كما جاء ذلك في آية أُخرى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ [ص: ٣٦].
وقوله تعالى: ﴿لِسُلَيْمَانَ﴾ هو ابن داوُدَ ﵉، وقد آتاهُ الله تعالى الرِّسالة والمُلْك مُلْكًا عظيمًا لا يَنبَغي لأحَدٍ من بَعْده؛ لأنَّ الله تعالى سخَّر له الإِنْس والجِنَّ.
وقوله تعالى: ﴿الرِّيحَ﴾ هي الهَواء، سَخَّرَها الله تعالى له؛ أي: ذَلَّلَها بحيث تَجرِي بأَمْره يَأمُرها فتَتَّجِه إلى الشَّمال إذا كان يُريد ناحية الشَّمال، وَيأمُرها فتَتَّجِه إلى الجنوب إذا كان يُريد ناحية الجنوب، وَيأمُرها أن تَذهَب شَرْقًا فتَذهَب، وأن تَذهَب غَرْبًا فتَذْهَب، وأن تُسرِع فتُسرِع، وأن تُبطِئ فتُبطِئ؛ تَجرِي بأَمْره.
ولا يُقال: إن هذا يَدُلُّ على أنَّ سُلَيْمانَ ﵇ مُشارِك لله تعالى في الخَلْق؛ لأنه لا أَحَدَ يَستَطيع أن يُصرِّف الهَواء، لوِ اجتَمَع الخَلْق كلُّهم على أن يُصرِّفوا الهَواء
1 / 97