تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١)
* * *
* قالَ الله ﷿: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [سبأ: ١].
* * *
قال المُفَسِّر ﵀: [﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ حَمِدَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِذَلِكَ، وَالمُرَادُ بِهِ الثَناءُ بِمَضْمُونِهِ مِنْ ثُبُوتِ الحْمْدِ، وَهُوَ الْوَصْفُ بِالجْمِيلِ للهِ تَعالَى].
وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾: (أل) يَقول العُلَماءُ ﵏: إنها للاسْتِغراق؛ أي: كلُّ حَمْدٍ، و(أل) الَّتي للاستِغراق هي التي محل محَلَّها (كلٌّ) مِثْل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢] أي: كلُّ إنسان لَفِي خُسْر، وقوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]، أي: كلُّ إنسان، فمَعناها: أنَّ كلَّ حَمْدٍ فهو لله تعالى، واللَّام هنا للاستِحْقاق والاختِصاص؛ للاستِحْقاق لأنَّه لا أحَدَ يَستَحِقُّ أن يُحمَد لِذاته إلَّا الله ﷿، والاختِصاص لأنَّ الحَمْد المُستَغرِق لكُلِّ المَحامِد لا يَكون إلَّا لله ﷿.
يَقول المُفَسِّر ﵀: [حَمِدَ تَعالى نَفْسَه بِذَلِكَ] يَعنِي: حَمِدَ الله تعالى نَفْسَه بهذا الوصفِ الذي هو الحَمْد [والمُراد به الثَّناء بمَضمونه من ثبوت الحَمْد]؛ يَعنِي: ليس هذا تَجديدًا لحَمْد الله ﷾، ولكنه ثَناءٌ على الله تعالى بمَضمون الحَمْد [وَهُوَ الوَصْفُ بِالجمِيلِ للهِ تَعَالَى]، ولو قال المُفَسِّر ﵀: الوَصْف بالكَمال لكان أعَمَّ، فالحمْدُ وَصْفُ المَحمود بالكَمال. هذا الحَمدُ، فإن كُرِّر وَصْفه بالكَمال صار ثَناءً؛
1 / 13