تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
فنُقدِّر العامِل مُتأخِّرًا نظَرًا لهاتين الفائِدتَيْن.
ونُقدِّره فِعْلًا خاصًّا، فنَقول مثَلًا عند ابتِداء القِراءة: التَّقديرُ: بسم الله أَقرَأُ، وعند الوضوء: التَّقديرُ: بسْمِ الله أتوضَّأ، وعند الأكل: بِسْم الله آكُلُ، وهكذا، وإنما نُقدِّره خاصًّا لأنه أدَلُّ على المَقصود، وَيصِحُّ أن نُقدِّره عامًّا ونَقول: التَّقدير بِسْم الله أَبتَدِئُ أو بِسْم الله أَبدَأُ؛ ولكن الخاصَّ أَوْلى.
فصار عندنا ثلاثة أمور: لا بُدَّ مِنْ مُتعَلَّق مُتأَخِّر خاصٍّ، وتَقدَّم التعليل.
وقوله تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ مُفرَد مُضاف فيَعُمُّ، وَيكون المَعنى: بكُلِّ اسْمٍ من أسماء الله تعالى أَبتَدِئ، وناسَب ذِكْر ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ دون غيرهما من الأَسْماء لأنها -أيِ: البَسمَلة- يُؤتَى بها للاستِعانة، وأَنسَبُ ما يَكون للاستِعانة هي الرحمة؛ فلهذا أُتبعَ لفظُ الجلالةِ بهذَيْن الاسْمَيْن الكريمين.
قوله تعالى: ﴿اللَّهِ﴾ أَصلُه الإِلهُ، هذا أَصَحُّ ما قيل فيه، وحُذِفت الهمْزة لكَثْرة الاستِعمال؛ كما حُذِفَت الهَمزة من (الناس) وأصلُها (أُناس) وحُذِفت الهَمزة من (شَر) ومن (خَيْر) وأصلُها (أشَرُّ) و(أَخْيَر).
وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ﴾ اسْمٌ مِن أَسماء الله تعالى دالٌّ على سَعة رَحْمته ﷿؛ لأنَّ ﴿الرَّحْمَنِ﴾ فَعْلان يَدُلُّ على السَّعة والامتِلاء؛ وانظُرْ ذلك في كلِمة (غَضبان) و(نَدمان) و(سَكران) و(عَطشان) و(رَيَّان) وما أَشبَهَها؛ تَجِدْ أنَّ هذه الصِّيغةَ دالَّةٌ على السَّعة والامتِلاء.
ولهذا قال بعضُ السلَف ﵏: إنَّ ﴿الرَّحْمَنِ﴾ رحمة عامَّة لجميع الخَلْق، وأمَّا ﴿الرَّحِيمِ﴾ فهي: دالَّة على الفِعْل أي: أنه ﷾ يَرحَم برَحْمته الواسِعة.
1 / 10