تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقوله تعالى: ﴿آمَنُوا﴾ الإيمان في اللُّغة: التَّصديق، وفي الشَّرْع: التَّصديق المُستَلزِم للقَبول والإِذْعان، وليس مجُرَّدَ تصديقٍ، بل هو التَّصديق المُستَلزِم للقَبول والإِذْعان؛ القَبول في الأَخْبار، والاِذْعان في الطَّلَب، فيقبَل -مثَلًا-: ما أَخبَرَ الله تعالى به رسوله ﷺ، ويُقبَل: كونُ هذا الحكْمِ فَرْضًا وكونُه تَطوُّعًا، وما أَشبَه ذلك، ويُذعَن لذلك؛ بمعنى: أنَّه يُتعبَّد لله تعالى بمُقتَضي ما آمَن به، وبمُقتَضى ما شَرَعه الله ﷾.
وفي قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ يَعنِي: عمِلوا الأعمالَ الصالحِاتِ، فتكون ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ وَصْفَا لمَوْصوفٍ محَذوف، وحَذْفُ المَنعوت جائِز إذا قامَتِ القَرينة عليه، قال ابنُ مالِك ﵀:
وَمَا مِنَ المَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ ... يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفي النَّعْتِ يَقِلّ (^١)
ومن حَذْفِ المَنعوت قولُه تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ [سبأ: ١١] أي: دُروعًا سابِغاتٍ، فعَلى هذا تكون: ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ صِفةً لمَوْصوف مَحذوف؛ أي: الأَعْمال الصالحِات.
وما هي الأعمال الصالحات؟
الجوابُ: العمَلُ الصالِح؛ هو الذي جمَع بين أَمْرَيْن: الإخلاصُ لله ﷾، والمُتابَعةُ للرسول ﷺ، فإن فُقِد الأَوّل لم يَكُن صالِحًا؛ وكان مَردودًا على العامِل؛ وإن فُقِد الثاني لم يَكُن صالحًا، وكان مَردودًا على العامِل أيضًا.
والدليل في الأوَّل قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: "أنا أَغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ
_________
(^١) الألفية (ص: ٤٥).
1 / 40