تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
إذا قُصِد به المُبالَغة فلا مَفهومَ له سَواءٌ كان في الكَثْرة أو في القِلَّة، فهنا لا يَملِكون مِثْقال ذرة، يَعنِي: ولا دُونَها.
ومثال الكَثْرة: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]، ولو أَكثَرَ من سَبعين ما يَغفِر الله تعالى لهم؛ ولهذا قال تعالى في آية المُنافِقين: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [المنافقون: ٦]، فإذا جاء القَيْد للمُبالَغة قِلَّةً أو كَثرةً فليس له مَفهوم، إِذَنْ لا يَملِكون مِثقال ذرَّة ولا دُونَها لا في السَّمَوات ولا في الأَرْض، ولو كانوا يَملِكون ذلك لقُلتم: نَتَّعلَّق بهم لعلَّهم يُعطوننا ممَّا يَملِكون.
وهل لهم شرْك في السَّمَوات أو في الأرض؟
الجوابُ: لا، ولو كان لهم شِرْك لقُلْتم: لعلهم يُعطوننا من نصيبهم؛ ولهذا قال ﷾: ﴿وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ﴾ شَرِكة ﴿مِن﴾ هذه زائِدة لَفْظًا لا مَعنًى، وعلى هذا فـ ﴿شِركٍ﴾ مُبتَدَأ مُؤخَّر، وخَبَرُه الجارُّ والمَجرور المُقدَّم ﴿وَمَا لَهُم﴾ يَعني: ما لهم شِرْكٌ في السَّمَوات ولا في الأرض.
وقول المُفَسِّر ﵀: [﴿وَمَا لَه﴾ تَعَالَى ﴿مِنْهُمْ﴾ مِنَ الْآلهة ﴿مِنْ ظَهِيرٍ﴾ مُعِينٍ] نَقول في إعراب ﴿مِنْ ظَهِيرٍ﴾ كما قُلْنا في إعراب ﴿مِن شِرك﴾ أي: أنَّ (مِنْ) زائِدة لَفْظًا لا مَعنًى، و(ظهير) مُبتَدَأ مُؤخَّر، والظهير بمَعنى: المُعين، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨]، إِذَنْ ليس لهم مع الله تعالى مَعونة حتَّى يُدِلُّوا على الله تعالى بها ويَقولون: أَعطِنا عِوَضًا عن مَعونَتنا لنَنفَع مَن يَدعوننا، ما لهم مُساعَدة مع الله تعالى: ﴿وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ أي: [مُعِينٍ].
1 / 160