تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الِهجائية بمُقتَضى اللغة العربية ليس لها مَعنًى، فأَجزِم بذلك؛ لأن القُرآن باللغة العربية.
وإذا كان الأَمْر هكذا؛ فما الفائِدة من وُجودها في القُرآن؟
الجَوابُ: هذه هي التي قد نَقول: اللَّهُ أَعلَمُ بذلك، ولكن بعض أهل العِلْم التَمَس لهذا حِكْمة، بأنه إشارةٌ إلى أن هذا القُرآنَ الذي أَعجَزَكم ما أَتَى بحُروف جديدة حتى تَقول: واللَّهِ هذه ليسَتْ من حُروفنا، وإنما هو من الحُروف التي يَتَركَّب منها الكلام العرَبيُّ، ومع ذلك أَعجَزَكم.
قالوا: ولهذا لا يَأتي الابتِداء بهذه الحُروفِ الِهجائية إلَّا وبعده ذِكْر القُرآن، أو ما هو من خَصائِص القرآن: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، وهناك بعضُ السُّوَر مِثْل: ﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ﴾، ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا﴾، ليس فيها ذِكْر القرآن، لكن فيها ذِكْر ما هو من خَصائِصه، فـ ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ هذا من أمور الغَيْب، ولا يُعلَم إلَّا بالوَحْي، كذلك ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ هذا فيه إخبار عمَّن سبَق، وهو من أُمور الغَيْب أيضًا، ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣].
وعلى كل حال: هذا الذي ذكَرْناه أخيرًا هو ما ذهَبَ إليه شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ (^١) ﵀ وسبَقه إليه الزَّمخشَريُّ في كِتابه (الكَشَّاف) (^٢).
* * *
_________
(^١) انظر تفسير ابن كثير (١/ ٧١).
(^٢) الكشاف (١/ ٢٦).
1 / 12