تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
بين سُرور القَلْب وبين وترَف البدَن.
قال ﵀: [﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ حال مُقدَّرة] اعلَمْ أن الحال تَنقَسِم إلى قِسْمين: حال مُقرَّرة، بمَعنَى أن صاحِبها مُتلَبِّس بها الآنَ، وحال مُقدَّرة بمَعنى أنها ستكون لصاحِبها، فهنا قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ فهذا وَعْد، وليس خبَرًا، فلم يَقُل: يَدخُلون جَنات النَّعيم، بل وعَدَهم بأن لهم جناتِ النعيم؛ ثُم قال: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾، فهل هم خالِدون فيها حال وَعْدهم بها، أو بعد أن يُبعَثوا؟
الجَوابُ: بعد أن يُبعَثوا؛ ولهذا قال ﵀: [حالٌ مُقدَّرة؛ أي: مُقدَّرًا خُلودهم فيها إذا دخَلوها] أمَّا الآنَ فليسوا خالِدين فيها؛ لأخهم إلى الآنَ لم يَبعَثوا، ولا وصَلوا إليها، وعليه فنَقول: إنها حال مُقدَّرة، يَعنِي أن صاحِبها لا يَتَلبَّس بها الآنَ.
وقوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ﴾ الخلود هو: المُكْث، إمَّا الدائِم، وإمَّا الطويل، يَعنِي: أنه قد يَكون مُكْثًا دائِمًا، وقد يَكون مُكْثًا طويلًا، فإذا أُكِّد بالتأبيد وقيل: أبدًا، فهو قَطْعًا للمُكْث الدائِم؛ لأنه أُكِّد به.
وقوله ﷾: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾، والوعد هو: مثل العَهْد، أي: أن الواعِد يَتعَهَّد بالموعود بما وعَده به، ويُقال: وَعْد ووَعيد، فالوَعْد فيما يَسُرُّ، والوعيد فيما يَسوء.
وقوله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ عِندنا مَصدَران؛ فقوله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ مَصدَر عامِله مَحذوف، أي: وُعِدوا وَعْدَ اللَّه، أو وعَدَهم اللَّه وعدَ اللَّه، وأمَّا قوله ﷾: ﴿حَقًّا﴾ فهي أيضَّاَ مَصدَر، ولكن عامِلها أيضًا مَحذوف، التَّقدير: أحقَّه حقًّا، أو حقُّه حقٌّ.
فعليه يَكون اللَّه تعالى أكَّد هذه الجُمْلة الخبَرية بمُؤكِّدين مَعنَوِيَّين:
1 / 47