تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآيتان (٨، ٩)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [لقمان: ٨ - ٩].
* * *
وهذه طريقة القرآن إذا ذَكَر آياتِ الوَعيد وصِفات مَن يَستَحِقُّون ذلك الوعيدَ، ذكَرَ بعدها آياتِ الوَعْد وصِفاتِ مَن يَستَحِقُّ ذلك الوَعدَ.
فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ والإيمان محَلُّه القَلْب، يَعنِي: آمَنوا بما يَجِب الإيمان به، وهو كما قال الرسول ﷺ: "أَنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكتُبهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" (^١).
وقوله تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ يَعنِي: الأعمالَ الصالحاتِ، والعمل الصالِح هو كل ما جمَع بين شَرْطين: الإخلاص للَّه تعالى، والمُتابَعة للرسول ﷺ، ولا يَدخُل في ذلك التَّرْكُ، فالذي لا يَزنِي لا نَقول: إنه عمِل.
إذَنْ: مجُرَّد التَّرْك في الحقيقة ليس بعمَل، لكن إذا اقتَرَن به نية صار عمَلًا؛ لأنه إذا اقتَرَنَت به النية صار كفًّا للنَّفْس، والكفُّ عمَل؛ ولهذا جاء في الحديث: "مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ حَسَنهً كَامِلَةً" (^٢)، لكنه ذكَر عِلَّتها، فقال: "إِنَّهُ تركَهَا
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر ﵁. (^٢) أخرجه ابن منده في الإيمان رقم (٣٧٦)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (٦٦٤٥)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 45