تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الجَوابُ: المُفَسِّر ﵀ وجماعة يَرَوْن أنه قيلت على سَبيل التَّهكُّم؛ لأن الأصل فيها الخير، فإذا قُيِّدت بالشَّرِّ فهو من باب التَّهكُّم به كما في قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] على القول بأن المُراد: العزيز الكريم في تِلكَ الحالِ، لا أنك أنت العَزيز الكَريم في الدنيا من قَبلُ.
ولكن قد يَقول قائِل: إن البُشرى إذا قُيِّدت بالشَّرِّ فهي على حَقيقتها، وأن أصل البُشرى من البشَرة، وهي: الإعلام بما يَتغَيَّر به الوجهُ، فإن تَغيَّر بالسرور والانشِراح فهي بالخير، وإن تَغيَّر بالانقِباض والعُبوس فهي في الشَّرِّ، فكل ما كان مُؤثِّرًا على بشَرة الإنسان فهو بُشرى، لكن هي في الأصل في الخَيْر.
ثُمَّ قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾: ﴿أَلِيمٍ﴾ بمَعنَى: مُؤلِم، ففي الأوَّل عَذاب مُهين، ذو إهانة، وفي الثاني عذاب أَليم ذو إيلامٍ؛ لأنه فعَل أفعالًا أعظَمَ من الأوَّل، هذا الأخيرُ إذا تُتلَى عليه آياتُ اللَّه تعالى ولَّى مُستكبِرًا، فهو أَعظَمُ من الذي يَشتَرِي لَهْوَ الحديث، فالأوَّل يُصاب بعذاب مُهين، والثاني يُصاب بعَذاب أليم، والمَوْصوف واحِد في الحقيقة، لكن أحواله مُتغَيِّرة.
قال المُفَسِّر ﵀: [وهو النَّضْر بن الحارِث (^١) كان يَأتِي الحِيرة يَتَّجِر فيَشتَري كتُب أخبار الأعاجِم ويُحدِّث بها أهل مَكَّةَ، ويَقول: إن محُمَّدًا يُحدِّثكم أحاديثَ عادٍ وثمودَ، وأنا أُحدِّثكم أحاديث فارِسَ والرومِ، فيَستَحِلُّون حديثه ويَترُكون استِماع القرآن].
المُفَسِّر ﵀ يَقول: [وهو النَّضْر]، وتَعيينها بالنَّضْر فقَطْ، لا شكَّ أنه قُصور، والصواب: أنها عامَّة له ولغَيْره، وسواءٌ بهذه الطَّريقةِ التي كان يَتَّخِذها هو أو بغيرها
_________
(^١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان رقم (٤٨٣٠)، عن ابن عباس ﵄.
1 / 42