تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والغِناء بدون آلَةِ إن اشتَمَل على مُحرَّم فهو حرام، وقد يَصِل إلى حَدِّ الشِّرْك، كما لو اشتَمَل على الغُلُوِّ في مَدْح أحدٍ غُلُوًّا يَصِل به إلى درجة الخالِق، وقد يَكون مُحَرَّمًا وفِسْقًا كما لو اشتَمَل على تَحقيق الفِسْق والمُجُون وما أَشبَهَ ذلك، وقد يَكون مُحرَّمًا تَحريمَ الغِيبَة كما لو كان يَسُبُّ شَخْصًا مُعَيَّنًا، المُهِمُّ أنَّه درجات.
أمَّا إذا كان مُباحًا فإنَّه لا شَكَّ أنه مِن اللَّهْوِ، لكنَّه إذا اسْتُعِين به على شيء مُباح فلا حرَجَ فيه، مِثْل: غِناء العُمَّال الذين يُغَنُّون لِأَجْل أن يَتَقَوَّوْا على ذلك، وقد كان الصحابة ﵃ في حَفْرِ الخَندق يَرتَجِزون، والرسول ﷺ يُجِيبُهُم، يَقولون:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
والرسول ﵊ يُجِيبُهُم ويَقول:
اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَه ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَه (^١)
الرسول ﵊ يَنقُل التُّراب ويَرْتَجِزُ بقول عبد اللَّه بنِ رواحةَ ﵁:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
قال البَراءُ بنُ عازِب ﵁ راوِي الحديث: "يَمُدُّ صوتَه بِآخِرِها" (^٢).
_________
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب حفر الخندق، رقم (٢٨٣٥)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب، رقم (١٨٠٥)، من حديث أنس ﵁.
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١٠٦)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب، رقم (١٨٠٣).
1 / 35