تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٦)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان: ٦].
* * *
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾: (مِن) للتَّبعيض، والجارُّ والمَجرور خبَر مُقدَّم، و﴿مَنْ يَشْتَرِي﴾ مُبتَدَأ مُؤخَّر.
وقوله ﷿: ﴿مَنْ يَشْتَرِي﴾ مَعنَى الاشتِراء: الاختِيار، يَعنِي: مَن يَختار، وعبَّر عن الاختِيار بالاشتِراء إشارةَ إلى حِرْصهم على هذا الأَمرِ؛ لأن الاشتِراء إنما يَكون بالمُعاوَضة، فكأنهم لقُوَّة اختِيارهم هذا الشيءَ بذَلوا فيه أموالهم ليَنالوه.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ الفَرْق بين (يَشتَري) و(يَشْري) أن (يَشرِي) بمَعنَى: يَبيع، و(يَشتَرِي) بمَعنَى: يَبتاع، وعند الناس أن الشِّرَى هو الاشتِراء، وليس كذلك، قال اللَّه تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ يَشرِي نفسه يَعنِي: يَبيعُها، بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة: ١١١]، اشتَرَى أَنفُسهم فهم بائِعون.
وقوله ﵀: [﴿لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ أي: ما يُلهِي منه عمَّا يَعنِي] ﴿لَهْوَ﴾ مُضافة إلى ﴿الْحَدِيثِ﴾ من باب إضافة الشيء إلى نَوْعه، فالإضافة على تَقدير (مِنْ) كما يُقال: ثُوبُ خَزٍّ، ثوبُ صُوفٍ، خاتَمُ حَديدٍ، خاتَمُ فِضةٍ، وما أَشبَه ذلك؛ فهي على
1 / 24