تفسير العثيمين: لقمان
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٢٢)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ٢٢].
* * *
قوله ﵀: [﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: يُقبِل على طاعته ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ مُوحِّد ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾] (مَن) هذه شَرْطية جوابها قَولُه تعالى: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ﴾ وقُرِن الجواب بالفاء؛ لأنَّه اقتَرَن ب (قَدْ)، والجوابُ يَقتَرِن بالفاء إذا كان أحَدَ أمور سَبْعة:
اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ... وَبِـ (مَا) وَ(قَدْ) وبـ (لنْ) وَبِالتَّنْفِيسِ
وهنا اقتَرَن بالجواب (قَدْ)، فوجَب أن يُقرَن بالفاء.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾ مَعناه: يَنقاد له تَمام الانقِياد، بحيثُ يُسلِمه إليه، وهذا غاية ما يَكون من التَّذلُّل والتَّوكُّل فقال تعالى: ﴿يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾، ولم يَقُل: للَّه؛ لأنَّ قوله تعالى: ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ أَبلَغُ، كأنه أَعْطاه اللَّه ﷿ وبلَغ غايته بالوصول إلى اللَّه تعالى.
وقوله تعالى: ﴿وَجْهَهُ﴾ المُراد: وجهُ قَلْبه، وليس وجهَ بدَنِه، يَعنِي: اتِّجاهَه، فهو من الوجهة أي: مَن يَتَّجِه إلى اللَّه قَصْدًا وتَوَكُّلًا واعتِمادًا.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ الجُمْلة هذه حالية، حال من فاعِل ﴿يُسْلِمْ﴾،
1 / 133