تفسير العثيمين: جزء عم
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
خوف ولا تعب ولا ملل. أما المقسم عليه فهو الإنسان فقال: ﴿إن الإنسان لربه لكنود﴾ والمراد بالإنسان هنا الجنس، أي أن جنس الإنسان، إذا لم يوفق للهداية فإنه ﴿لكنود﴾ أي كفور لنعمة الله ﷿ كما قال الله ﵎: ﴿وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢] . وقيل: المراد بالإنسان هو الكافر، فعلى هذا يكون عامًّا أريد به الخاص، والأظهر أن المراد به العموم، وأن جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنودًا لربه ﷿، والكنود هو الكفر، أي كافر لنعمة الله ﷿، يرزقه الله ﷿ فيزداد بهذا الرزق عتوًا ونفورًا، فإن من الناس من يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله، وما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم فهو كفور بنعمة الله ﷿، يجحد نعمة الله، ولا يقوم بشكرها، ولا يقوم بطاعة الله لأنه كنود لنعمة الله. ﴿وإنه على ذلك لشهيد﴾ ﴿إنه﴾ الضمير قيل: يعود على الله، أي أن الله تعالى يشهد على العبد بأنه كفور لنعمة الله.
وقيل: إنه عائد على الإنسان نفسه، أي أن الإنسان يشهد على نفسه بكفر نعمة الله ﷿.
والصواب أن الآية شاملة لهذا وهذا، فالله شهيد على ما في قلب ابن آدم، وشهيد على عمله، والإنسان أيضًا شهيد على نفسه، لكن قد يقر بهذه الشهادة في الدنيا، وقد لا يقر بها فيشهد على نفسه يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون﴾ [النور: ٢٤] . ﴿وإنه﴾ أي الإنسان ﴿لحب الخير لشديد﴾ الخير هو المال كما قال الله تعالى ﴿كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية﴾ [البقرة: ١٨٠] . أي: إن ترك مالًا كثيرًا. فالخير هو المال، والإنسان حبه للمال أمر ظاهر، قال الله تعالى: ﴿وتحبون المال
1 / 293