تفسير العثيمين: جزء عم
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [القصص: ٥٦] . وإذا نظرنا إلى هذه الآية الكريمة ﴿إن علينا للهدى﴾ وجدنا أن الله تعالى بين كل شيء. بين ما يلزم الناس في العقيدة، وما يلزمهم في العبادة، وما يلزمهم في الأخلاق، وما يلزمهم في المعاملات، وما يجب عليهم اجتنابه في هذا كله. حتى قال أبو ذر ﵁: لقد توفي رسول الله ﵌ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما (^١) ً. وقال رجل من المشركين لسلمان الفارسي: علمكم نبيكم حتى الخراءة (^٢)، قال: أجل علمنا حتى الخراءة. يعني: حتى آداب قضاء الحاجة علمها النبي ﷺ أمته، ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾ . [المائدة: ٣] . ﴿وإن لنا للآخرة والأولى﴾ يعني: لنا الآخرة والأولى. الأولى متقدمة على الآخرة في الزمن، لكنه في هذه الآية أخرها لفائدتين:
الفائدة الأولى: معنوية.
الفائدة الثانية: لفظية.
أما المعنوية فلأن الآخرة أهم من الدنيا، ولأن الآخرة يظهر فيها ملك الله تعالى تمامًا. في الدنيا هناك رؤساء، وهناك ملوك، وهناك أمراء يملكون ما أعطاهم الله ﷿ من الملك، لكن في الآخرة لا ملك لأحد ﴿لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ [غافر: ١٦] . فلهذا قدم ذكر الآخرة من أجل هذه الفائدة المعنوية.
(^١) أخرجه الإمام أحمد (٥/١٥٣) .
(^٢) أخرجه مسلم كتاب الطهارة، باب الإستطابة (٢٦٢) (٥٧) .
1 / 230