تفسير العثيمين: فاطر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فاطر: ١].
* * *
اعلم أنَّ الحَمْد هو وَصْفُ المَحْمودِ بالكَمال مع المَحَبَّةِ والتَّعْظيمِ، وقد حَمِدَ اللهُ ﷾ نَفْسَه في أوَّلِ الأُمُور وآخِرِها.
ففي أوَّلِ الأُمورِ الكَوْنِيَّة قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١].
وفي أوَّلِ الأُمورِ الشَّرْعِيَّةِ قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾ [الكهف: ١].
كما حَمِدَ نَفْسَه على مُنْتَهى الأُمُور أيضًا، قال الله تعالى في آخِرِ سورة الزُّمَر: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر: ٧٥].
فحَمِدَ الله ﷾ نَفْسَه في أوَّلِ الأَمْرِ وفي مُنْتَهى الأمر؛ لأنَّ الله تعالى له الأَمْرُ أوَّلًا وآخِرًا، وكُلُّ أَمْرِه فإنَّه مَحْمودٌ عليه؛ لأَنَّه مَبْنِيٌّ على الحِكْمَة والرَّحْمَة.
وهنا يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ الحَمْد: مُبْتَدَأ، لله: خَبَرُه، واللَّام هنا للإسْتِحْقاق والإخْتِصاص؛ لِلْمَعْنيَيَنِ جميعًا، أمَّا كَوْنُها للإسْتِحْقاقِ؛ فلأنَّه لا أحَدَ أَحَقُّ بالحَمْدِ من الله ﷿؛ فإنَّه مَحْمودٌ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّ كلَّ ما يَفْعَلُه وكُلَّ ما يُشَرِّعُه فإنَّه مَحْمودٌ
1 / 11