تفسير العثيمين: فاطر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قول المُفَسِّر ﵀: [﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ من أَيْنَ تُصْرَفون عن تَوْحيدِهِ مع إقرارِكُم بأنَّه الخالِقُ الرَّازِقُ؟] لو قال المُفَسِّر ﵀: (عن عِبادَتِه) لكان أحسَنَ؛ لأنَّ (لا إله إلا هو) تَوْحيدُ أُلُوهِيَّة، وليس تَوْحيدَ رُبوبِيَّة، وكَلِمَةُ تَوْحيدٍ تَشْمَل الرُّبوبِيَّةَ أيضًا، فلو قال: (فأَنَّى تُصْرَفون عن عبادَتِه وَحْدَه مع إقرارِكُم أنَّه الخالِقُ وَحْدَه) لكان أَحْسَنَ.
وَقَوْله تعالى: ﴿تُؤْفَكُونَ﴾ قال: أي: [تُصْرَفون]، فـ (الأَفْكُ) بمَعْنى الصَّرْف، ماضيه (أَفَكَ) ومُضارِعُه: (يَأْفِكُ أَفْكًا) أمَّا الإِفْكُ بالكَسْرِ فهو الكَذِبُ.
والكَذِبُ - في الواقِع - يَتَّفِقُ مع (الأَفْكِ) من حيث المَعْنى؛ لأنَّ الكَذِب هو الإخبارُ بِخلافِ الوَاقِعِ، فهو صَرْفٌ للشَّيْء عن حَقيقَتِه، قال الله تعالى: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذاريات: ٩]؛ أي: يُصْرَفُ عَنْهُ من صُرِفَ.
إِذَن: ﴿تُؤْفَكُونَ﴾ أي: تُصْرَفونَ عن عِبادَتِه وَحْدَه مع إقرارِكُم بأنَّه الخالِقُ وَحْدَه.
والإسْتِفْهامُ في قَوْله تعالى: ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ الإسْتِفْهامُ للتَّوْبيخِ والتَّقْريعِ، يعني: كيفَ تُقِرُّونَ بأنَّه الخالِقُ وَحْدَه ثم تَعْبدونَ معه غَيْرَهُ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: وُجُوب ذِكْرِ نِعْمَةِ الله ﷿ بالقَلْبِ واللِّسانِ والجوارِحِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَهَمِّيَّة ذِكْر النِّعْمَة؛ لأنَّها صُدِّرَت بـ ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ وهذا يدُلُّ على الأَهَمِّيَّة؛ لأنَّ ما صُدِّرَ بالنِّداءِ معناه تَنْبيهُ المُخاطَبِ على الإسْتِماعِ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الكُفَّارَ مخُاطَبونَ بالشَّرائِعِ، وهذا مَأْخوذٌ من قَوْلِه تعالى:
1 / 36