تفسير العثيمين: فاطر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٢)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر: ٢].
* * *
﴿مَّا﴾ شَرْطِيَّةٌ تَجْزِمُ بدليلِ الفِعْلِ بعدها، ولكنَّ الفِعْلَ بعدها أمامنا مكسورٌ ﴿يَفْتَحِ﴾ فنقول: إنَّ هذه الكَسْرَة عارِضَةٌ من أجل تَوَقِّي الْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وإلا فإنَّها مَجْزومةٌ، وهذا كقَوْله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ البَيِّنَة: ١] وأَصْلُها: (لم يَكونْ).
قَوْله تعالى: ﴿يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ﴾ فَتْحُ الشَّيْءِ: إزالَةُ الحَواجِزِ دونه؛ يعني: متى فتحْتَ البَيْتَ؛ يعني: أزَلْتَ الحاجِزَ المانِعَ مِن دُخُولِهِ وهو البابُ، والرَّحْمَة إذا فُتِحَتْ فإنَّ الإِنْسَانَ يَدْخُل إليها ويَلِجُ فيها.
وَقَوْله تعالى: ﴿مِنْ رَحْمَةٍ﴾: ﴿مِن﴾ بيانٌ لـ ﴿مَّا﴾، و﴿مَّا﴾ شَرْطِيَّةٌ مُفيدَةٌ للْعُمومِ، وعلى هذا فيكونُ في الآيَةِ عُمومٌ؛ أي: أيُّ رَحْمةٍ يَفْتَحْها الله ﷿ للنَّاسِ فلا أَحَدَ يَسْتَطيعُ إِمْساكَهَا.
وَقَوْله تعالى: ﴿مِنْ رَحْمَةٍ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [كَرِزْقٍ ومَطَرٍ]، وهذا على سبيلِ التَّمْثيلِ لا الحَصْر؛ لأنَّ رَحْمَة الله أكْثَرُ من ذلك، قال الله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣]، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١٨] فرَحْمَة الله ﷿ لا تُحْصَى في أَنْواعِها فضلًا عن أَفْرادِها.
1 / 24