تفسير العثيمين: فاطر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قالوا له هَلْ يَقْدِرُ الله ﷿ على أن يَجْعَلَ السَّمَواتِ والأَرْضَ في جَوْفِ بَيْضَة؟ قال: نعم، يقولُ: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] إمَّا أن تَصْغُرَ السَّمَواتُ والأَرْض، أو تَكْبَر البَيْضَة، المهمُّ إذا أراد قال فكانَ، قالوا: فهل يَقْدِرُ الله أن يَخْلُقَ مِثْلَه؟
قال: هذا أمرٌ مُسْتَحيلٌ، والمِثْلِيَّةُ لا يُمْكِنُ أن تتطابَقَ أبدًا؛ لو لم يكن من الفارِقِ العَظيمِ إلا أنَّ هذا حادِثٌ وذاك واجِبُ الوجودِ، هذا مُسْتَحيلٌ.
المهمُّ: أنَّ الله ﷿ على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، لكنَّ الشَّيْءَ المُسْتَحيلَ الذي لا يُتَصَوَّر لا يُتَصَوَّر، وليس المُرادُ هنا المُسْتَحيلَ عادةً؛ فالمُسْتَحيلُ عادةً يُخْلِفُه الله ﷿؛ لأنَّ الله هو خالقُ العادَةِ وقادرٌ على تَغْييرِها، وهذه النَّارُ التي تَحْرِق كانت بَرْدًا وسَلامًا على إبراهيمَ، وهذا الماءُ السَّيَّال صار جامِدًا كالطَّوْدِ العَظيمِ، والعادَةُ يُمْكِنُ أن يُغَيِّرَها الله ﷿ بكُلِّ سهولَةٍ، لكنَّ الكَلامَ على الأَمْرِ المُمْتَنِع المُسْتَحيلِ.
يقولُ العُلَماءُ ﵏: إنَّه لا تتعلَّقُ به القُدْرَة؛ لأنَّه مُسْتَحيلٌ؛ ولهذا قال السَّفاريني في العقيدة (^١):
" ................... ... .................... وَاقْتَدَرْ
بِقُدْرَةٍ تَعَلَّقَتْ بِمُمْكِن ... .......................... "
وهذا أمرٌ مُتَّفَقٌ عليه عند العُقَلاءِ.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ هذا ليسَ فيه اسْتِثْناءٌ، كتب الجلال ﵀ وهو السيوطي - على هذه الآيَة في سورة (المائِدَة) قال: "وَخَصَّ العَقْلُ ذَاتَهُ فليس عليها بقادرٍ"؛ يعني: على كلِّ شَيْء قديرٌ إلَّا على ذاتِه فليس عليها بقادِرٍ.
_________
(^١) العقيدة السفارينية (ص ٥٢).
1 / 17