تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الدنيا مهما طالَتْ فهي قليلة ولا تُنْسَب للآخرة؛ ولهذا قال الله ﷿: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ [الضحى: ٤]؛ ويقول للعموم: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٦، ١٧]؛ وقال النَّبِي ﷺ: "لمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" (١) (السَّوْطُ): عصًا قَصيرة؛ (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها) من الدنيا؛ أي: الدنيا كلُّها منذ النشأة إلى قيامِ الساعة بما فيها من الزخارف واللَّهْوِ والزِّينَة؛ ولهذا قال: تمتَّعْ قليلًا؛ فهذه المتعة للكافِرِ، وإن كان ينال شَهْوَتَه هي قليلةٌ زمنًا، وقليلةٌ كَمِّيَّةً، وقليلةٌ كَيْفِيَّةً.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الكُفَّار ملازمون للنار لا يخرجون منها؛ لقوله: ﴿أَصْحَابِ النَّارِ﴾ لأنَّ الصاحِبَ هو المُلازِمُ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مُخاطَبَة الإنسان بما يليق بحالِهِ، فهذا الكافر المعانِدُ الذي بدَّلَ نِعْمَةَ الله كُفْرًا يخاطَبُ بهذا الخطاب القاسي، وهو: ﴿تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ بينما لو كانت المسألَةُ مسألةَ دَعْوَةٍ ما قابلناه هذه المقابَلَة، فلا نقول لمن ندعوه للإسلامِ: ﴿تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ لكنْ نَقُولُهُ لمن عانَدَ وكابَرَ وبدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إثباتُ النار؛ لقوله: ﴿إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾، ويجب علينا في إثبات النار شيئان:
الأول: إثباتُ وُجُودِها الآن، وأنها موجودة، فإن النَّبِي ﷺ عُرِضَتْ عليه الجنة
_________
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم (٢٨٩٢)، من حديث سهل بن سعد الساعدي ﵁.
1 / 95