تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
يكون لهم عدوًّا وحَزَنًا؟ أبدًا؛ يقول: ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾، لكن في العاقبة صار ﴿عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾.
وتأتي اللام أيضًا زائدةً، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾ [الأحزاب: ٣٣]؛ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ﴾ أي: أنْ يُذْهِبَ، وكما في قوله: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٢٦]، ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ﴾ أي: أنْ يُبَيَّن، وإنما قالوا: إنَّها زائدة لأنَّ كلمة (أراد) تتعدى بِنَفْسِها لا باللَّام، ولا تصلح أن تكون للتَّعليل؛ لأنَّ التعليل مستفادٌ من الإِرادَة، وعلى هذا فيعربونها على أنها زائِدَة.
فتبين أنَّ اللام التي تدخل على المضارع تكون زائدة، وتكون تعليلية - وهي الأكثر - وتكون للعاقِبَة.
وقوله ﵎: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾: ﴿سَبِيلِهِ﴾ أي: طريق الله المُوصِل إليه، هذه سبيل الله.
والسَّبيلُ يضاف إلى الله تارةً كما في هذه الآية، وكما في آياتٍ أخرى كثيرة، ويضاف إلى المَخْلوق؛ كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ١٠٨] فما هو الجمع بينهما؟ الجمع بينهما: أنَّه يُضاف إلى اللهِ باعتبار أنَّه هو الذي وَضَعَه وأنه مُوصِلٌ إليه، ويضاف إلى غير الله للمخلوق باعتبار أنه هو السَّالِكُ له، إذن فسبيلُ الله؛ يعني: هو الذي شرع هذا السبيل، ووَضَعَه للعباد، وهو يوصل إلى الله، سبيلُ الرَّسول ﴿هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ١٠٨]؛ أي: طريقي الذي أَسْلُكُه.
ومثل ذلك يقال في الصراط: صراط الله؛ قال تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] فصراط الله باعتبار أنه هو الذي وَضَعَه وأنه مُوصِل إليه و﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ باعتبارِ أنَّهُم هم الذين يَسْلُكونه.
1 / 86