تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
إذن: فأعطيناه إنعامًا لا يستقيم به الكلامُ؛ لأنَّ الإنعامَ فِعْل الله، والمُعْطى هو النِّعْمَةُ، وليس فِعْل الله، فإبقاءُ الآية على ظاهرها لا شَكَّ أنَّه هو الموافق للواقِعِ.
وقوله: ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ﴾: (مِن) هنا للابتداء أي: نِعْمَةً صادرةً من الله ﷿ يتبيَّن بها أنها فضلٌ مَحْضٌ من الله.
قوله ﵀: [﴿نَسِيَ﴾ تَرَكَ ﴿مَا كَانَ يَدْعُو﴾ يتضَرَّعُ ﴿إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾ وهو الله].
فانظر - يا أخي - كان يتضَرَّعُ إلى الله ﷿ في أن يَكْشِفَ عنه الضُّرَّ، فلما كشَفَ الله عنه الضُّرَّ وأعطاه نِعْمَةً زائدة على كَشْفِ الضُّرِّ ماذا تكون حالُه؟ قال تعالى: ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾.
قوله: ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾ النِّسيانُ هنا بمعنى الغَفْلَة وليس المراد به: ذُهُولَ القَلْبِ وإنما المرادُ: الغَفْلَة المتَضَمِّنَة للتَّرْك، ومن ذلك قوله ﷾: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤، ٥] أي: غافلون عن صلاتِهِم.
وقوله: ﴿إِلَيْهِ﴾ الضَّميرُ يعود على الله ﷿، و﴿مَا﴾ تعود على الله؛ ولهذا قال المُفَسِّر ﵀: [فـ (ما) في موضع (مَن)].
(ما) في قوله: ﴿مَا كَانَ يَدْعُو﴾ في مَوْضِعِ (من)؛ يعني: مرادُ المُفَسِّر ﵀: أنَّ (ما) بمعنى (من) أي: نَسِيَ من كان يدعو إليه من قبل، يعني مَن يُوجِّهُ الدُّعاء إليه، أو كما قال المُفَسِّر ﵀: [يتضَرَّعُ إليه] وهو الله ﷿، فغَفَلَ، وكأنَّ الله ما أنعم عليه بِكَشْفِ الضُّرِّ وتَخْويلِهِ النِّعْمَةَ.
قوله: ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ الأندادُ لم يَغْفُلْ عنهم،
1 / 84