383

تفسير العثيمين: الزمر

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وهذه الإنابةُ هي عمَل القَلْب، وهو رُجوع القَلْب إلى الله ﷾.
وفي تَفسيره الإِسلام بالإخلاص نظَر، فالإِسلام هو الانقِياد وهو الاستِسْلام لله تعالى ظاهِرًا وباطِنًا؛ فقوله تعالى: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ أيِ: استَسْلِموا له واخضَعوا لشَرْعه، وهذا عمَل الظاهِر، وهو عمَل الجَوارِح، فالإنابة بالقَلْب والإِسلام بالجَوارِح؛ قال ﵀: [﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ أَخلِصوا العمَل ﴿لَهُ﴾]، وأَخَذ المُفَسِّر الإخلاص من قوله تعالى: ﴿لَهُ﴾ أي: لله تعالى كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ [آل عمران: ٢٠]، فهذه الآيةُ فيها الأَمْر بالإنابة وهي في بالقَلْب، والأَمْر بالاستِسْلام له، وهي بالجَوارِح، والإخلاص مُستَفاد من اللَّام المَذكورة في قوله تعالى: ﴿لَهُ﴾.
وقوله ﷾: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ مُتعلِّقة بـ ﴿وَأَنِيبُوا﴾ و﴿وَأَسْلِمُوا﴾ فقد تَنازَعها العامِلان.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ يَعنِي: من الله تعالى ﴿ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ يَعنِي: لا تُمنَعون من عَذاب الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ في الدُّنيا، قبل أن تَتَوقَّعوا ذلك، ثُمَّ إذا أَتاكم ﴿لَا تُنْصَرُونَ﴾ أي: لا تُمنَعون من هذا العَذابِ؛ لأنَّ الله تعالى إذا أَراد بقومٍ سُوءًا ﴿فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١] أي: من مُتولٍّ يَنصُرهم.
قال ﵀: [﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ بمَنْعه إن لم تَتوبوا] قوله ﵀: [إن لم تَتوبوا] راجِعٌ إلى قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾؛ لأننا إذا تُبْنا رفَعَ الله ﷿ العَذاب عنَّا.

1 / 387