تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ يَستَدِلُّ بها المُسرِفون على أنفسهم بالمَعاصِي، فإذا نَهَيْتهم عن مَعصية قالوا لك: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
ونقول له - بكُلِّ بَساطة -: وهل تَجزِم أنت أنك ممَّن شاء الله تعالى أن يُغفَر له؟
الجَوابُ: لا، إذَنْ أنت على خطَر، وأنت الآنَ فَعَلْت سبب العُقوبة، وكونُكَ يُغفَر لكَ فهذا أَمْرٌ راجِع إلى مَشيئة الله ﷿.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ الجُملة تَعليلٌ للحُكْم الذي قبلها وهو: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ والجُملة هنا مُؤكَّدة بمُؤكِّدين، هما: (إن) و(هو) ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، أمَّا كون (إنَّ) مُؤكَّدة فظاهِر؛ لأن (إِنَّ) من أَدَوات التَّوْكيد.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ كلِمة ﴿هُوَ﴾ لو حُذِفت لاستَقام الكلام بدونها، ويُسمِّيها النَّحويُّون: ضميرَ فَصْل، وبعضُهم يُسمِّيها: عِمادًا، وليس ضَميرَ الشَّأْن، وضمير الشأن هو الضمير الذي يَدُلُّ على القِصَّة، وليس مَوْجودًا، وإنما يَكون في الغالِب مَحذوفًا.
يَقولون: إن في ضمير الفَصْل ثلاثَ فوائِدَ:
الفائِدةُ الأُولى: التَّوْكيد.
الفائِدةُ الثانيةُ: الحَصْر.
الفائِدةُ الثالِثةُ: التَّمييز بين الخَبر والصِّفة.
مثالُه: إذا قُلتَ: زيدٌ هو الفاضِل؛ فالضَّمير في (هو) ضمير فَصْل، ولو قُلتَ: زيدٌ الفاضِلُ. وحذَفْت الضميرَ لاستَقام الكلامُ، ولكن يُحتَمَل أن يَكون (الفاضِلُ) صِفةً، والخَبَر مُنتَظَرًا، ويُحتَمَل أن يَكون (الفاضِلُ) هو الخبَر، فإذا قلتَ: زيدٌ هو
1 / 371