تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الأشياء التي تُعتَبَر حَسَناتٍ حتى نَعمَلها، وتُعتَبَر سَيِّئاتٍ حتى نَتَجنَّبها، وحينئذٍ يَكون رُجوعنا إليه ﷿ رُجوعًا عن بَصيرة لا حُجَّةَ لنا في مُخالَفته.
فقوله ﵀: [﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ أي: هو مُختَصٌّ بها] أخَذَ المُفَسِّر ﵀ [هو مُختَصٌّ بها] من الحَصْر وهو تَقديم الخبَر [وهو مُختَصٌّ بها فلا يَشفَع أحَدٌ إلَّا بإِذْنه]، وهذا أحَدُ شَرْطَيِ الشفاعة. والثاني: رِضا الله تعالى عن الشافِع ورِضاه عن المَشفوع، قال تعالى: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، وقد ذكَر عُموم مِلْكه وانفِراده بالمِلْك بعد ذِكْر الشفاعة؛ لأن الشَّفاعة من المِلْك في الواقِع، فهي داخِلة في عُموم مِلْك الله تعالى للسمَوات والأرض ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ولم يُفسِّرها لوُضوحها.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إثبات الشفاعة؛ لقوله تعالى: ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾، ووجهُ إثباتها: أنه لولا وُجودها ما صَحَّ أن يَقول تعالى: ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الردُّ على المُعتَزِلة والخوارِج؛ لأن المُعتَزِلة والخوارِج يُنكِرون الشفاعة في أهل الكَبائِر - سواءٌ دخَلوا النار أم لم يَدخُلوها -، وذلك لأن أهل الكَبائر عند المُعتَزِلة والخوارِج مُخلَّدون في النار، لكنهم عند الخَوارِج كُفَّار، وعِند المُعتزِلة لا مُؤمِنون ولا كافِرون، بل في مَنزِلةٍ بين مَنزِلتين.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات شَفاعات مُتعدِّدة؛ لقوله تعالى: ﴿جَمِيعًا﴾؛ لأن (جَميعًا) تَقتَضي أن يَكون هناك شيء مَجموع.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه لا أحدَ يَشفَع إلَّا بإذْن الله تعالى، ووجهُه: أنه إذا كانت الشَّفاعة خاصَّةً بالله فإنها لا تَكون إلَّا منه وإليه.
1 / 327