تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لما ذكر المحاورة بين المُسْتَضْعَفينَ والمُسْتَكْبرينَ.
ثم قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ هذه الجملة مُؤَكَّدَة بـ (إنَّ).
وقوله: ﴿لَا يَهْدِي﴾ المراد بذلك: هدايةُ التَّوْفيق، وأما هدايَةُ الدلالة فإنها حُجَّةُ الله على خَلْقِه، لا بدَّ أن تنالَ كلَّ أحد؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]؛ (هديناهم) هداية دَلالة.
إذن: إنَّ الله لا يَهدي هدايةَ توفيقٍ، لا هداية دَلالة؛ بل هداية الدلالة ثابِتَةٌ لكُلِّ أحَدٍ.
قوله تعالى: ﴿لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾: ﴿مَنْ هُوَ﴾ أي الذي هو ﴿كَاذِبٌ﴾.
قال المُفَسِّر ﵀: [في نِسْبَةِ الوَلَدِ إليه]، والذين نسبوا الولد إليه هم اليهود والنصارى والمُشْرِكون؛ ثلاثة: أما اليهود فقالت: عُزَيرٌ ابْنُ الله، وأما النصارى فقالوا: المسيحُ ابنُ الله، وأما المشركون فقالوا: الملائِكَةُ بناتُ الله والآية كما يُشاهَد: ﴿مَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ عامَّة، لكن كأنَّ المُفَسِّر خصَّصها بنِسْبَة الولد إلى الله؛ لقوله فيما بعد: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ [الزمر: ٤]؛ وإلا فلو نظرنا إلى الآية: ﴿كَاذِبٌ﴾ لكانت مُطْلَقَة لم تقيَّد بنِسْبَة الوَلَدِ إلى الله ﷿، لكن المُفَسِّر قيَّدَها باعتبار أو بِقَرينَة السِّياق: ﴿كَفَّارٌ﴾، ﴿كَفَّارٌ﴾ هذه يُحتَمَل أن تكون صيغة مبالغَة، ويحتمل أن تكون للنِّسْبة فإن كانت للنِّسبة صارت صفةً لازِمَة؛ كما نقول: نجَّار وحدَّاد وخشَّاب وبنَّاء، وما أشبه ذلك، وإن كانت صيغة مبالغة لم تكن صفةً لازِمَة لكنها تدل على الكَثْرة.
1 / 33