تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مُتَّصِلًا به، قال ﵀: مُتَعلِّق بـ (أَنزَل)، ونحن في الحقيقة في إعرابنا للقُرآن نَتَجاوَز، ونَقول: في مثل هذا مُتعَلِّق بـ (أَنزَلنا)، وهذا غير مُحرَّر، والصواب: أن تَقول: "مُتعلِّق بـ (أَنزَل) " الذي هو العامِل فقَطْ، دون ما اتَّصَل به من فاعِل أو مَفعول.
وقال المُفَسِّر ﵀: [﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ﴾ اهتِداؤه ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ فتُجبِرهم على الهُدى]، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ [ق: ٤٥]، فالرسول ﵊ ليس بجابِرٍ لهم على الاهتِداء، وليس بمُوكَّلٍ بهم يُحافِظهم ويُحافِظ عليهم.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: بيان أن القُرآن كلام الله تعالى؛ لأن الله تعالى أَنزَله وهو كلام ليس ذاتًا مُعيَّنة كالحديد الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ [الحديد: ٢٥]، وكالمَواشِي التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: ٦]، فالقرآن كلام، فإذا كان كلامًا فإنه لا يَكون مَخلوقًا؛ لأن الكلام صِفة المُتكلِّم، والمُتكلِّم به وهو الله هو الأوَّل والآخِر والظاهِر والباطِن.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات عُلوِّ الله تعالى؛ مَأخوذ من الإنزال، والإنزال لا يَكون إلَّا من عُلوًّ.
وعُلوُّ الله ﷿ دلَّ عليه الكِتاب والسُّنَّة والإِجْماع والعَقْل والفِطْرة:
أمَّا الكِتاب فدَلالته على عُلوِّ الله تعالى مُتَنوِّعة بأنواع كثيرة.
والسُّنَّة كذلك فقَدِ اتَّفَقَتِ السُّنَّة القولية والفِعْلية والإِقْرارية على أن الله ﷿ عالٍ فوقَ عَرْشه فوقَ خَلْقه.
1 / 293